responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 270
يسمى المنطق التقليدي ذلك بمبدأ الثالث المرفوع, أو استبعاد الحالة الثالثة, إذ يرى المناطقة أنه ليس هناك وجود لإمكان ثالث بين إمكانين متناقضين. فالكائن إما حيوان أو نبات، وليس هناك إمكان ثالث. كذلك يجب الاختيار بين الحياة والموت، وليس هناك حالة ثالثة. فإذا كانت "أ" و"لا أ" متناقضتين, فإن أي شيء من الأشياء يكون إما "أ" أو "لا أ"[1].
رغم ذلك يعتبر المنطق التقليدي مقبولا؛ لأنه يعكس الخبرة المتجمعة خلال قرون عديدة, إلا أنه يصبح غير كافٍ إذا استلزم الأمر التعمق في البحث. فمثلا، يكشف الواقع عن وجود كائنات حية لا يمكن تصنيفها بدقة في باب الحيوانات, ولا في باب النباتات كالإسفنج مثلا فهو نبات وحيوان معا. كذلك ليست هناك حياة مطلقة ولا موت مطلق؛ لأن كل كائن حي يتجدد في صراع ضد الموت في كل لحظة.
معنى ذلك أنه إذا كان المنطق التقليدي مقبولا في حدود معينة, فهو عاجز عن النفاذ إلى أعماق الواقع. فهو ليس كاذبا في حد ذاته, ولكن محاولة تطبيقه بشكل مفتعل خارج حدود إمكانياته يولد الخطأ.
صحيح أن الحيوان ليس نباتا، وسوف يظل ذلك صحيحا؛ لأنه وفقا لمبدأ عدم التناقض يجب أن نحذر الخلط بينهما. فالجدل ليس خلطا ولكن الجدل يقول: إنه صحيح أيضا أن الحيوان والنبات وجهان لا ينفصلان من وجوه الواقع بحيث إن بعض الكائنات حيوانات ونباتات معا, وهو ما يسميه الجدل وحدة الأضداد.
كان المنطق التقليدي إبان وضعه في فجر العلوم يكفي للاستعمال اليومي, فيسمح بتصنيف الأشياء وتمييزها, لكنه يصبح قاصرا إذا تعمقنا في التحليل؛ لأن الوجود الواقعي حركة. ومنطق الذاتية "أهي أ" لا يتيح للأفكار أن تعكس

[1] المبادئ الأساسية للفلسفة، مرجع سابق، ص30، 31، 38.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست