اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 250
وأن يكون ممكنا إثبات صحة المعرفة المكتسبة[1].
غير أن استخدام المناهج الكمية لا يعني اختفاء الاختيارات الذاتية. فالباحث هو الذي يختار السؤال المطروح, أو الفرض المطلوب اختبار صحته متأثرا في ذلك بخياله وحدسه, ومدى نفاذ بصيرته التي تلعب كلها دورا هاما في هذا الاختبار.
إن مدى رجاحة حكم الباحث, وما قد يتمتع به من صفات أخرى تلعب دورها إذا لزم الأمر تعريف المفردات المختلفة موضع العد والقياس أو تصنيفها بهدف التبسيط، أو إذا أريد أخذ عينات أو عمل استفهامات.
لهذا, فإن العوامل الذاتية -لا شك- تؤثر في جدوى, وربما في صحة النتائج التي يتم الحصول عليها بتطبيق المناهج الكمية. أي: إن المنهج يسمى منهجا كميا إذا احتاج بعد حد معين إلى العد, أو القياس وفقا لقواعد واضحة ومحددة[2].
على العكس من ذلك يتجلى الكيف في مجموعة من الخصائص والصفات التي يميز كل منها أحد جوانب الشيء أو الموضوع, كما يعطي الكيف الفكرة العامة عن الموضوع ككل. بهذا يستطيع الكيف تحديد نوعية الشيء وتمييزه عما عداه من الأشياء الأخرى التي لا تحصى ويزخر بها عالمنا. أي: إن لكل الأشياء والظواهر كيفا أو نوعا خاصا يمكننا من تعريفها, والتمييز بينها.
يمكن إثبات ذلك عند ملاحظة, أو دراسة الظواهر الطبيعية للفلك والمعادن والسوائل والغازات, أو عند التفرقة بين جسم حي وجسم ميت. بالمثل تختلف الظواهر الاجتماعية من الناحية الكيفية, فحيازة بعض الأمراء لأراضٍ واسعة [1] Dyke, p. 181; Thomas C. McGormick and Roy G. Francis, Methods of Research in the Behavioural Sciences, New York 1958, Chaps, 5-8; Maurice Duverger, Methodes De La Science Politique, op. cit., pp. 105ff. [2] Ibid., p. 109.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 250