اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 227
إن ما يعاني منه الباحث هنا ليس فقط أن البيئة كلها أصبحت مجالا للبحث، وإنما احتياجه أيضا إلى دراسة التصورات المكونة عنها. ولا شك أن اتساع وشمول ذلك المدخل يضطر من يتبناه إلى الاستعانة بمدخل آخر للبحث, يكون أكثر وضوحا في تزويد الدارس بمعايير الاختيار.
ثم يضيف العالمان نوعا ثالثا من الفروض البيئية, وهو ما أسمياه "السلوك الإدراكي" والتي تعكس في رأيهما المبدأ القائل بأن معرفة الشخص بالوسط هي التي تؤثر في سلوكه, وليس الوسط نفسه. أي: إن تصوره للوسط هو الذي يؤثر في صنع القرار[1].
2- مداخل البحث الاقتصادية:
يحلق اسم كارل ماركس في هذا المجال فوق كل المفكرين الذين ارتبطت أسماؤهم بطرق البحث الاقتصادية، رغم أن كثيرين من هؤلاء الذين جاءوا قبله[2] وبعده عبروا عن وجهات نظر مشابهة من بعض الوجوه. وفيما يلي مناقشة لبعض نظرياته لمعرفة مدى إمكان الاستفادة منها كمعايير في تحديد الموضوعات, والمعلومات الهامة. [1] lbid., p. 166, t. Mathisen, Methodology ln the Study of lnternational Relations, op. cit., pp. 56-58. [2] نشير هنا إلى الإسهام الكبير لابن خلدون في مجال الدراسات الاقتصادية واستخدامها كمدخل علمي في تحليلاته, وخاصة تلك الفروض والنظريات التي استخلصها. فقد قدم مفهوما متطورا لاصطلاح "المادة" لا يعكس نفس المضامين التي تصورها الفلاسفة المعاصرون له, وهي حقيقة قد تعزى جزئيا إلى أنه لم يقيد نفسه بالموضوعات أو أساليب التقييم السائدة في عصره. كذلك ترك دراسات تفصيلية عميقة لموضوعات مثل العلاقة المتبادلة بين العمران البشري والإنتاج والعمل والكسب وتراكم المال والتفسير الاقتصادي للتاريخ. كما نقد القائمين بصناعة المنطق بسبب اتجاهاتهم الفكرية المجردة، ومغالاتهم في الغوص على المعاني والقياس, وابتعادهم عن الواقع الملموس مما أوقعهم في الخطأ. انظر دراستنا: "منهج ابن خلدون في علم العمران"، مرجع سابق، ص218 و223. انظر كذلك =
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 227