اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 179
إن عالم السياسة الذي يستخدم مدخلا تاريخيا مثلا سيكون أمامه العديد من الاختيارات, شأنه في ذلك شأن المؤرخين, حتى اصطلاح مدخل تاريخي يعد مضللا؛ لأن هناك أكثر من مدخل تاريخي واحد. وهو باستخدامه لهذا المدخل لن يحصل على ما يأمل من إرشاد وتوجيه أكثر مما يمكن أن يحصل عليه نظيره المؤرخ الذي يأخذ بمدخل سياسي لدراسة التاريخ.
أي: إن كل ما تم إنجازه هو مجرد انتقاء المدخل ولا شيء أكثر من ذلك. بمعنى أنه لم يتم وضع أو اقتراح معايير محددة يتم على أساسها الاختيار بين الموضوعات والمعلومات ضمانا لأكبر قدر من الموضوعية, وعدم التحيز. وما قيل عن المدخل التاريخي يمكن أن يعبر عن نفس المشكلة التي ستنجم من اتباع أي من المداخل المشار إليها؛ الاقتصادي أو الاجتماعي أو الجغرافي أو الفلسفي.
يشكل ذلك عبئا على عاتق الباحثين, ويحفزهم إلى الذهاب أبعد من مجرد استخدام مدخل ما كوسيلة للدراسة, وإلا انتهت مجهوداتهم بمجرد رصيد ضخم من المعلومات المنوعة غير ذات موضوع لا تنفع في كتابة علمية أو تدريس أكاديمي، بل قد تفقد الإحساس والحذر بطبيعة المشاكل التي يواجهها العالم. ولا جدال أنه لكي يكون البحث في مجال السياسة ذا مغزى, ويسهم في عقلانية صنع القرار يجب أن يكون المدخل لهذا البحث أكثر تحديدا, وتخطيطا من مجرد إطلاق اسم فرع من فروع العلوم الأكاديمية[1]. [1] lbid., p. 12, dyke, p. 130.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 179