اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 175
في عصرنا الحاضر، يؤكد رايموند أرون صعوبة وضع خط فاصل بين علم السياسة, وعلم الاجتماع السياسي حيث إن كليهما يتناول نفس الحقائق, ويدعي الأخذ بالوسائل المنهجية كالمشاهدة والتحليل, والشرح والتفسير[1].
الملاحظة الأخيرة التي نود أن نختتم بها هذا البند هو أن التوفيق قد جانب هؤلاء العلماء في تغاضيهم عن الدور الكبير للعلامة ابن خلدون في هذا المجال. لقد تناول ابن خلدون -كما هو معروف- أكثر من مدخل علمي في مقدمته, من بينها الاجتماع والاقتصاد وذلك في دراسته للظواهر التاريخية والسياسية. ولا عذر لهؤلاء في ذلك القصور؛ إذ المفروض أنهم قد اطلعوا على التقييم العلمي المنصف لإبداعه من جانب أئمة علماء الاجتماع والتاريخ الليبراليين المعاصرين من أمثال جاستون بوتول، وبيتريم سوروكين, وأرنولد توينبي. ومن جهة أخرى يتعذر من الناحية الموضوعية الإشارة إلى تطور علم الاجتماع, والجهود الرائدة في الاجتماع السياسي دون أن يحتل ابن خلدون مكانه المشروع, خاصة وأنه قد توفرت الضوابط المنهجية في كتاباته بشكل يفوق ما توفر منها في كتابات خلفائه الأوروبيين ممن سبقت الإشارة إليهم. حتى أوجست كونت نفسه، الذي يرجعون إليه الفضل في إعطاء علم الاجتماع اسمه الجديد "سوسيولوجي" يؤكد بعض العلماء المعاصرين[2] أنه تمكن من الاطلاع على ترجمة فرنسية لكتابات ابن خلدون, واستفاد منها دون أن يشير إلى المصدر. [1] Raymond Aron, "Political Science in France*.htm', op. cit. p. 49. [2] H. Becker,Harry Elmer Barnes,Social Thought from Lore to Science, New York 1961, first publ. 1938, p. 349; H. E. Barnes, "Sociology Before Comte", in: American Journal of Sociology, XXIII, 1917; M.M. Rabie, The Political Theory of Ibn Khaldun, op. cit., p. 47.
انظر في ذلك أيضا الشواهد التي يضيفها الأستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي في طبعته الأولى لمقدمة ابن خلدون، الجزء الأول، ص177، كذلك الأستاذ الدكتور عبد العزيز عزت "تطور المجتمع البشري عند ابن خلدون" في أعمال مهرجان ابن خلدون, القاهرة 1962، ص52، 53. كذلك انظر أعلاه، دراستنا لمنهج ابن خلدون، حاشية 57.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 175