اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 123
أن الوحدة بين عاملي المعرفة والأيديولوجية تؤلف الخاصية المميزة للفلسفة كشكل من أشكال الوعي الاجتماعي.
ونتيجة لانقسام المجتمع إلى طبقات, وتطور الصراع بينها تظهر الحاجة إلى تبرير نظري للمصالح المادية للطبقات المتصارعة, والشرائح الاجتماعية المتباينة. ويعني تبرير مصالح الطبقة نظريا شيئين:
الأول هو تصوير المصلحة الخاصة لهذه الطبقة كما لو كانت تمثل مصلحة عامة لكل طبقات الشعب وفئاته، ويعني الثاني ربط المثل العليا لتلك الطبقة ومصالحها وتطلعاتها بنظرة معينة عن العالم ككل.
إن ذلك التصوير لا يحدث بمحض الصدفة, وإنما ينبع من جوهر وطبيعة الأشياء ذاتها, وتلك هي مهمة الفلسفة في المفهوم الماركسي.
فالفلسفة تبلور مفهوما معينا عن العلوم يتفق مع وضع ومصالح تلك الطبقة, أي: تقوم بتنظير وصياغة نظراتها السياسية والاجتماعية. نتيجة لذلك، تنعكس في الفلسفة وبشكل نظري مجرد أكثر التطلعات الفكرية عمومية لدى مختلف الطبقات.
ونظرا للارتباط الوثيق للفلسفات والمناهج بالصراع الدائر بين الاتجاهات المادية والمثالية، نستعرض فيما يلي المفهوم الماركسي لتلك الاتجاهات كتمهيد ضروري لمناقشة أكثر تفصيلا في الفصل الحادي عشر لمنهج البحث الماركسي المعروف باسم المنهج المادي الجدلي، وإن لزم التنويه منذ الآن بأن هناك وجهة نظر تحريفية معاصرة تنادي بإمكانية تنافس نماذج مختلفة من المناهج والمداخل, وعدم جواز وضع حدود بين الفهم الماركسي وغير الماركسي للمسائل[1]. [1] المرجع السابق، ص546، 547، 550,
Cf., Th. Oizerman, Problems of the History of Philosophy, op. cit. pp. 460, 461.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 123