responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 120
إن التفلسف من وجهة النظر التقليدية طبيعي بالنسبة لكل إنسان ناطق, حتى لقد قال أرسطو: "فلنتفلسف إذا اقتضى الأمر أن نتفلسف، فإذا لم يقتض الأمر ذلك وجب أن نتفلسف لنثبت أن التفلسف لا ضرورة له". لهذا فإن الوضعيين فلاسفة حتى ولو أنكروا ذلك؛ لأن إنكار الفلسفة هو نفسه موقف فلسفي[1].
وجهت الفلسفة الماركسية نقدا شديدا للوضعية المنطقية, وأخذت عليها تظاهرها بإنكار الفلسفة مما دفع العلماء المتأثرين بها إلى رفض كل الفلسفات, وإن كان هذا غير ممكن في الواقع. فلا يجوز في العلم البقاء "مع الوقائع على انفراد" وإبقاء النظرية على عتبة المختبر وإرغامها على الصمت بانتظار ما تقوله الوقائع، بشكلها المجرد بذاتها. فبدون التفكير النظري لا يوجد العلم؛ لأنه ليس مدعوا لوصف الظواهر فقط، وإنما عليه أيضا أن يفسرها.
ترى الماركسية أن هناك نقطة حاسمة عندما ينتقل العالم من جمع ووصف الوقائع والعمليات إلى وضع القوانين والاستنتاجات النظرية. عندئذ لا يستطيع أي مفكر ذي تفكير واسع -سواء كان حقل تخصصه الطبيعة أو الكيمياء أو علم الأحياء أو المجتمع- أن يتجنب الفلسفة والنظرة إلى العالم ونظرية المعرفة. وكل المسألة تنحصر في الفلسفة التي سيطبقها بوعي أو بدون وعي، وهل هي الفلسفة المادية العلمية أم المثالية غير العلمية أم التوفيقية التي هي خليط من الاثنتين2؟
لهذا ترفض الماركسية موقف الوضعية المنطقية الداعي إلى أن يقصر الباحث عمله في حدود معمله, وترى فيه موقفا يتعارض مع العلم والواقع؛ لأن الباحث

[1] توفيق الطويل، أسس الفلسفة، مرجع سابق، ص 286-289، 292، 293، قارن زكي نجيب محمود، نحو فلسفة علمية، مرجع سابق، ص2، 5، 6.
2 المادية الديالكتيكية، مرجع سابق، 26، 27,
Cf., Jean-Francois Revel, Pourquoi des philosophes? Paris 1957, p. 149, cited by Theodor Oizerman, Problems of The History of Philosophy, Moscow 1973. p. 460.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست