responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 114
"الفيلسوف المعاصر ... لا شأن له "بشيء" من أشياء الوجود الواقع, بل يحصر نفسه في "الكلام"، كلام هؤلاء العلماء ليحلل منه ما قد تركوه بغير تحليل"[1].
لعل أخطر ما في هذه الدعوة -كما سنبين بعد قليل- هو أنه لا شأن للفلسفة بالحديث عن العالم أو الطبيعة أو العقل أو الحق أو المطلق أو ما وراء الطبيعة ... وإنما حسبها أن تحصر نفسها في "الكلام" تحلله وتفرغه وتجرده, مقتصرة على تناول صور التركيب وما ينشأ فيها من علاقات.
اتهم دعاة الوضعية المنطقية الفلاسفة التقليديين بأنهم يثيرون مشاكل عويصة لا وجود لها إلا في أذهانهم، وعزوا ذلك إلى خطئهم في فهم معاني الألفاظ نتيجة استخدامهم ألفاظا في قضاياهم لا تشير إلى مدلول حسي محدد من جهة، أو لاستخدامهم لفظا في غير المعنى الشائع من جهة أخرى.
كمثال على ذلك، انتقدوا استعمال الفلاسفة التقليديين للفظ إنسان ليس تعبيرا عن أفراد الإنسان الموجودين في العالم المحسوس، ولكن كإشارة إلى معنى كلي ليس له مدلول في عالم الواقع يمكن أن يخضع للمشاهدة الحسية, وإن كان يطلق كاسم على جميع أفراد الإنسان. مثل هذه النظرية الميتافيزيقية -من وجهة نظرهم- لا تقنع بالمعلومات التي تقدمها العلوم تعريفا له؛ لأن الإنسان عند التقليديين "ماهية" أو "جوهر" يعبر عن طبيعته وحقيقته, ولا يستقيم مفهوم الإنسان بغيره.
يتمثل الموقف الصحيح كما تراه الوضعية المنطقية في ضرورة قيام أصحاب المنطق التقليدي بتحليل ألفاظهم منطقيا, يتخذ من الواقع محكا لمعرفة مدى صواب الفكرة. ولو فعلوا لاكتشفوا أن الواقع المحسوس ليس به إلا "أفراد" وأن الماهية أو الجوهر لفظ لا يشير إلى مدلول حسي فهو إذًا بلا

[1] زكي نجيب محمود، نحو فلسفة علمية، مرجع سابق، ص7، 8، 10-12.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست