اسم الکتاب : معيار العلم في فن المنطق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 254
فصل في حل شبهة في القياس الدوري
فإن قال قائل: فلم قضيتم ببطلان البرهان الدوري؟ ومعلوم أنه إذا سأل الإنسان عن الأسباب والمسببات على ما أجرى الله سنته بإرتباط البعض منها بالبعض ففيها ما يرجع بالدور إلى الأول إذ يقال: لم كان السحاب؟ فيقال: لأنه كان بخارا فكثف وانعقد. فقيل: لم كان البخار؟ فيقال: لأن الأرض كانت ندية فأثر الحر فيها فتبخرت أجزاء الرطوبة وتصعدت. فقيل: ولم كانت الأرض ندية؟ فقيل: لأنه كان مطر. فقيل: ولم كان المطر؟ فقيل: لأنه كان سحاب. فرجع بالدور إلى السحاب فكأنه قيل: لم كان السحاب؟ فقلت: لأنه كان سحاب. والدوري باطل سواء كان الحد المتكرر تخلله واسطة أو وسائط، أو لم يتخلل فنقول: ليس هذا هو الدوري الباطل، إنما الباطل أن يؤخذ الشيء في بيان نفسه بعينه بأن يقال: لم كان هذا السحاب؛ فيعلل بما يرجع بالآخرة إلى التعليل بهذا السحاب بعينه؛ فأما أن يرجع إلى التعليل بسحاب آخر فالعلة غير المعلول بالعدد، إلا أنه مساو له في النوع، ولا يبعد أن يكون سحاب بعينه علة لسحاب آخر بواسطة ترطيب الأرض، ثم تصعد البخار ثم انعقاده سحابا آخر.
اسم الکتاب : معيار العلم في فن المنطق المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 254