responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 268
العلوم النظرية في العقب وفي الذباب فيثير الخلاف في غير الحد خلافاً في الحد. فهذا وإن أوردناه في معرض الامتحان فقد أفدناك به ما يجري على التحقيق مجرى القوانين.
الامتحان الثاني: اختلف في حد العلم فقيل هو المعرفة وهذا حد لفظي وهو أضعف أنواع الحدود، فإنه تكرير لفظ بذكر ما يرادفه. كما يقال حد الحركة النقلة ولا يخرج عن كونه لفظياً بأن يقال معرفة المعلوم على ما هو به لأنه في حكم التطويل والتكرير، إذ المعرفة لا تطلق إلا على ما هو كذلك، فهو كقول القائل حدّ الموجود الشيء الذي له ثبوت ووجود، فان هذا التطويل لا يخرجه عن كونه لفظياً ولست أمنع من أن تسمى مسمى هذا حداً. فلفظ الحد لفظ في اللغة المنع وهو مباح فيستعيره من يريده لما فيه نوع من المنع. فلو سمّى قلنسوة حداً من حيث أنه يمنع البرد لم يمنع من هذا أن كان الحد عنده عبارة عن لفظ مانع، فإن كان عنده عبارة عن قول شارح لماهية الشيء مصور كُنه حقيقته في ذهن السائل فقد ظلم بإطلاق هذا الاسم على قوله العلم هو المعرفة. ولميل أيضاً إنه الذي يعلم به وإنه الذي تكون الذات به عالمة، وهذا الحد أبعد من الأول فإنه مساو له في الخلو عن الشرح والدلالة على الماهية. ولكن قد يتوهم في الأولً شرح اللفظ بأن يكون أحد اللفظيين عند السائل أشهر من الآخر، فشرح الأخفى بالأشهر. إما العالم ويعلم فهو مشتق من نفس العلم ومن أشكل عليه المصدر كيف يتضح لديه المشتق منه والمشتق أخفى من المشتق منه، وهو كقول القائل في حد الفضة إنه الذي تصاغ منه الأواني الفضية. وقيل إنه الوصف الذي يتأتّى للمتصف به إتقان العلم وإحكامه. وهذا ذكر لأزم من لوازم العلم فيكون رسمياً وهذا أبعدهما قبلة من حيث أنه أخص من العلم، فإنه يتناول بعض العلوم ولكن أقرب بوجه اًخر مما تبله وهو أنه ذكر لازم قريب من الذات بعيد شرحاً وبياناً بخلاف قوله ما يعلم به وما تكون الذات به عالمة. فإن قلت فما طريق تحديد العلم عندك فاعلم أن العلم اسم مشترك قد يطلق على الإبصار والإحساس، وله حد بحسبه، وبطلق على التخيل، وله حد آخر بحسبه ويطلق على الظن، وله حد اخر بحسبه ويطلق على علم الله على وجه آخر أعلى وأشرف. ولست أعني أنه أشرف لمجرد العموم فقط بل بالذات والحقيقة. ويطلق على إدراك العقل وحدُه على الخصوص كما ينقدح في الحال أنه سكون الذهن جزماً عن بصيرة إلى الأمر بانه كذا أو ليس كذا والأمر كذلك. ولا يبعد أن يحتاج هذا الجدال إلى مزيد تحرير وتنقيح ليس يتّسع القلب ألان لتضييع الوقت به فعليك بإتمامه،

اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست