responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
الفن الثاني من محك الحد
في الامتحانان
الامتحان الأول: اختلف الناس في حدّ الحد فمن قائل يقول حدّ الشيء هو حقيقته ونفسه وذاته، ومن قائل يقول حدّ الشيء هو اللفظ المفسر لمعناه على وجه يجمع ويمنع، ومن قائل ثالث يقدر هذه مسألة خلافية فينصر أحد الحدين على الآخر وانظر كيف تخبط عقل هذا الثالث فلم يعلم أن الاختلاف إنما يتصور بعد التوارد على شيء واحد، وهذان قد تباينا وتباعدا وما تواردا وإنما منشأ هذا الغلط الذهول عن معرفة الإسم المشترك الذي ذكرناه. فان من يحدّ المختار بأنه القادر على ترك الشيء وفعله ليس مخالفاً لمن يحدّه بأنه الذي خلى ورأيه، كما أن من حدَّ العين بأنه العضو المدرِك للألوان بالرؤية لم يحالف من يحدُ العين بأنه الجوهر المعدني الذي هو أشرف النقود، بل حدَ هذا أمراً متبايناً بحقيقة الأمر الآخر، وإنما اشتركا في اسم العين والمختار فافهم هذا فإنه قانون كثير النفع. فان قلت فما الصحيح عندك في حدّ الحد فاعلم أن من طلب المعاني من الألفاظ ضاع وهلك وكان كمن استدبر المغرب وهو يطلبه. ومن قرّر المعاني أولاً في عقله بلا لفظ ثم أتبع المعاني الألفاظ فقد اهتدى. فلنقرّر المعاني فنقول الشيء له في الوجود أربع مراتب: الأولى حقيقة في نفسه، الثانية ثبوت مثال حقيقته في الذهن، وهو الذي يعتر عنه بالعلم. الثالثة تأليف مثاله بحروف تدل عليه وهي العبارة الدالة على المثال لذي في النفس. والرابعة تأليف رقوم تدرك بحاسة البصر دالة على اللفظ، وهي الكتابة، والكتابة تَبعُ اللفظ، إذ تدل عليه، واللفظ تَبِعُ العلم، إذ يدلى عليه، والعلم تَبِعُ المعلوم، إذ يطابقه ويوافقه. وهذه الأربعة متوافقة متطابقة متوازنة إلا أن الأولين وجودان حقيقيان لا يختلفان بالأعصار والآخريان وهما اللفظ والكتابة

اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست