responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 242
غير شفاء. وإنما الكشف يحصل بالطريق الذي سلكناه فقط لا ينبغي أن يكون شغفك بالكلام المعتاد المشهور بل بالكلام المفيد الموضح، وان خالف المعتاد.
مغالطة من منكري النظر: وهو أن يقول ما تطلبه بالنظر هو معلوم لك أم لا، فإن علمته فكيف تطلبه وأنت واحد وان جهلته فإذاً وجدته، فبمَ تعرف أنه مطلوبك، وكيف يطلب العبد الآبق من لا يعرفه فإنه لو وجده لم يعرف أنه مطلوبه، وحتها أن تقول أخطأت في نظم دليلك، فإن تقسيمك ليس بحاصر، إذ قلت تعرفه أو لا تعرفه بل هاهنا قسم ثالث وهو إني أعرفه من وجه وأجهله من وجه، وأعني ألان بالمعرفة غير العلم. فإني أفهم مفردات أجزاء المطلوب بطريق المعرفة والتصور وأعلم جملة النتيجة المطلوبة بالقوة لا بالفعل، ولو كنت أعلمه بالفعل لما طلبته ولو لم أعلمه بالقوة لما طمعت في أن أعلمه، إذ ما ليس في قوة عليه يستحيل حصوله كالعلم باجتماع الضدين، ولولا أني أدركه بالمعرفة والتصور لأجزائه المفردة لما كنت أعلم بالظفر بمطلوبي إذا وجدته، وهو كالعبد الآبق فإني أعرف ذاته بالتصور، وإنما أنا طالب مكانه وأنه في البيت الفلاني أم لا، وكونه في البيت أعلمه بالمعرفة والتصور أي لفهم البيت مفرداً وأفهم الكون مفرداً وأعلمه بالقوة، أي في قوة أن أصدّق بكونه في البيت ولكن لست مصدّقاً بالفعل، وإنما أطلب حصوله بالفعل من جهة حاسة البصر، وإذا رأيته في البيت بالمشي إليه صدّقت بكونه في البيت بالفعل، فلولا معرفتي البيت والكون والعبد بطريق التصور للمفردات لما عرفت وجه المطلوب عند رؤية العبد، ولولا أنه في قوة التصديق لما صار بالفعل، فكذلك أطلب أن العالم حادث فأفهم العالم مفرداً بالمعرفة والتصور واعلم الحادث بالمعرفة وفي قوة التصديق بأن العالم حادث فإذا صار بالفعل علمت أنه مطلوبي ولو كان بالفعل لما طلبته.
مغالطة أخرى: قال بعض منكري العلم، أتعلم كل اثنين زوج فقيل نعم، فقال فما في يدي زوج أم لا، فإن قلت نعم فبمَ أعرفه والكف مجموع، وإن قلت لا فقد ناقضت قولك، إذ قلت عرفت إن كل اثنين زوج وما في يدي اثنان فكيف لم تعلم أنه زوج، فاجيب عن هذا بأنا عنينا بما ذكرنا أن كل اثنين عرفنا أنهما اثنان فهما زوج، وما في يدك لم أعرف أنه اثنان، ولو عرفت أنه اثنان لقلت أنه زوج. وهذا الجواب مع وضوحه خطأ فإنا إذا قلنا كل اثنين زوج إن أردنا به أن كل الاثنين زوج سواء عرفنا أن ما في يده اثنان أو لم نعرف كان خطأ بل كل ما هو اثنان في نفسه وفي علم الله تعالى فهو بالضرورة زوج، لكن الجواب الحق أن ما بيدك زوج إن كان اثنين، وقولي لا اعرف أنه اثنان لا يناقض قولي كل اثنين زوج بل نقيض قولي كل اثنين زوج قولي كل اثنين فليس بزوج أو بعض ما هو اثنان ليس بزوج.
هاتان المغالطتان وإن كانتا من الجليات فإنما أوردتهما ليقع الأنس بتحرير الكلام في حل

اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست