responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 235
وقالوا بتكافؤ الأدلة وادّعوا النفس، وليس يحصل لنا الأمان وقال لبعضهم لسنا نتيقن أيضاً تكافؤ الأدلة بل هذا أيضاً لا ندريه، وكشف الغطاء عن هذا صعب ويستدعي تطويلاً ولكن أفيدك ألان طريقين تثق بهما في كذب الوهم.
الأول جملي: وهو أنك لا تشك في وجود الوهم والقدرة والعلم والإرادة وهذه الصفات وليس هذا من النظريات، ولو عرضت الوهم على نفس الوهم لأنكره. فانه يطلب له سمكاً ومقداراً ولوناً فإذا لم يجده إياه، ولو كلفت الوهم إن يقابل ذات القدرة والعلم والإرادة لتصور لكل واحد قدراً ومكاناً مفرداً، ولو فرضت له اجتماع هذه الصفات في جزء واحد وجسم واحد لقدر بعضها منطبقاً على البعض كأنه ستر مرسل على وجهه، ولم يقدر على تقدير إدخال البعض في البعض الآخر باسره، فانه إنما يشاهد الأجسام ويراها متميزة في الوضع فيقضي على كل شيئين بانه متميز في الوضع عن الآخر.
الطريق الثاني: وهو معيار في آحاد المسائل وهو أن تعلم إن جميع قضايا الوهم ليست كاذبة فأنها توافق العقل في استحالة وجود شخص في مكانين، بل لا تنازع في جميع العلوم الهندسية والحسابية وما يدرك بالحس، لانها تنازع فيما وراء المحسوسات لأنها تمثل غير المحسوس بالمحسوس، إذ لا تقبله إلا على نحو المحسوسات. فحيلة العقل في أن يعق بكذبه وبقضاياه مهما نظر في غير محسوس أن يأخذ مقدمات يقينية يساعد الوهم عليها وبنظمها بنظم المقياسين التي ذكرناها. فإن الوهم يساعد على أن اليقينيات إذا نظمت كذلك كانت النتيجة لازمة كما سبق من الأمثلة وكما في سائر الهندسيات فيتخذ ذلك ميزاناً وحاكماً بينه وبينه. فإذا رأى الوهم قد كاع عن قبول نتيجة دليل قد ساعد على مقدماته وساعد على صحة نظمه وساعد على أن مثل هذا النظم منتج يالضرورة وان تلك المقدمات صحيحة بالضرورة ثم أخذ يمتنع عن قبول النتيجة علم أن ذلك من نفور في طباعها عن إدراك هذا الشيء الخارج عن المحسوسات. فاكتفِ بهذا القدر فإن تمام الإيضاح لا يحصل إلا بالامتحان في أمثلة كثيرة، وذلك مما يطول فيه الكلام.
السابع المشهورات: وهي أراء مجموعة أوجب التصديق بها، إما شهادة الكل واكثر أو شهادة الجماهير أو الأفضل، كقولك الكذب قبيح والإنعام حسن وشكر المنعم حسن وكفران النعمة قبيح وهذه قد تكون صادقة وتكون كاذبة، فلا يجوز أن يعول عليها في مقدمات القياس. فان هذه القضايا ليست أولية ولا وهمية، فإن الفطرة الأولى لا يقضي بها بل ينغرس قبولها في النفس بأسباب كثيرة تعرض من أول الصبي، وذلك بتكرير ذلك على

اسم الکتاب : محك النظر المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست