وللسلوك الفطري ثلاث صفات أخرى هي: العمومية، التتابع، والتكيف المحدد للنوع. ومع أن أنماط السلوك التي اعتبرت عادةً أنها فطرية لها هذه الصفات الثلاثة، إلّا أن هذه المعايير وحدها غير كافية لاستبعاد التعلُّم كفرض تبادلي محتمل, وفيما يلي توضيح لهذه الصفات الثلاث للسلوك الفطري:
أ- العمومية universality:
تتطلَّب العمومية أن يظهر نمط فعل ثابت في كل أفراد النوع البشري لكي يمكن وصفه بالسلوك الفطري, وقد يحدث أن قليلًا من أفراد النوع لا يظهرون هذا السلوك، وقد يرجع ذلك إلى طفرة ومرض، ومن الصعب التأكيد عمَّا إذا كان بعض التحول في السلوك ناتجًا عن طفرة أو عن التعلم، ولكن يبدو من المعقول أنه إذا ظهر هذا التحول على عدد قليل فقط من أفراد النوع البشري، فمن المحتمل أن يكون السبب راجعًا إلى طفرة. إن العموم كمعيار لا تستبعد احتمال التعلُّم، وحتى لو أن كل أفراد مجموعة ما يظهرون سلوكًا معينًا، فهو مع ذلك قد يكون نتيجة تأثير بيئي عام, وإذا علمنا أن كل أفراد النوع يشتركون في هيئة وتركيب جسمي واحد، وأنهم يشاركون في نفس البيئة العامة، فإننا لن ندهش إذا وجدنا أن كل أفراد النوع يسلكون نفس السلوك في نفس الظروف، ويلاحظ أن مثل هذه النتيجة لن تضر كثيرًا الاعتقاد بالآليات الفطرية، وذلك لأن الطرق التي تستجاب بها المتطلبات الفطرية للتركيب العضوي "مثل الحاجة إلى النوم أو الدفء" يمكن جدًّا أن تكون متعلَّمة. إن التركيبات العضوية يمكن أن تكون لها متطلبات فطرية للبقاء، ولكن السلوك يمكن أن يتخذ العديد من الأشكال لتحقيق هذه المتطلبات للفطرة.
ولإيضاح كيف يمكن لاستجابة فطرية ظاهريًّا أن تتأثَّر بالتعلُّم، نختار تجربة استخدمت فيها أفراخ البط، وقام بها إيكارد هس Eckhard hess" 1959", وقد حصلت تجارب أخرى على نفس النتائج باستخدام الكلاب والطيور, وقد خططت تجربة هس لاختبار مثل: أفراخ لإتباع البطة الأم", وقد وصلت بطة كبيرة صناعية بجهاز دوار، وأتيحت لأفراح البط فرصة لمتابعة البطة الصناعية، وكانت سرعة دوران البطة الخداعية وعدد الدورات تسجّل آليًّا، وكان هناك