نشأة السلوك ونموه:
تشمل دراسة النمو الإنساني كلًّا من:
- النمو الفردي ontogeny.
- النمو التطوري للنوع البشري phylogeny.
والأول: هو دراسة تغيُّر سلوك الفرد على مرِّ الزمن.
والثاني: هو دراسة التغيُّرات السلوكية التي تحدث في شعوب النوع الإنساني speces على مر الزمن.
ودراسة التغيرات السلوكية في الأفراد تشمل فترات زمنية قصيرة "عمر الفرد"، في حين أنَّ التغيرات التي تحدث في النوع البشري "الشعوب" تفهم بفترات طويلة, تشمل عادة أجيالًا عديدة, والتغيرات السلوكية في الأفراد تعكس التفالع بين الأفراد وبيئتهم، ومن الملاحظة الدقيقة للتغيرات السلوكية وضع العلماء مبادئ النمو التي تنطبق على كل أفراد النوع البشري أو الإنساني، والأحداث البيئية التي تتسبَّب في تعديل السلوك behavior modifilation, ومن الملاحظ أن بعض الأنماط السلوكية قلَّما تتأثَّر بتغيرات البيئة مثل أنماط السلوك الحركي مثلًا، في حين أن أنماط أخرى من السلوك تعكس بوضوح التنوّع الثقافي مثل الاتجاهات السياسية.
ودراسة التغيرات السلوكية في النوع البشري لها طابع تطوري، وتؤدي إلى أنماط سلوكية يمكنها التكيف بالبيئة, مثال ذلك: أن الأطفال حديثي الولادة يظهرون انعكاسات عديدة؛ مثل: الانعكاس الكفي palmar reflex، ومن المحتمل أن يكون لها دلالة تطورية, فهؤلاء الأطفال يطبقون أصابهم حول شيء ما عندما يحدث هذا الشيء إثارة في سطح كف اليد، ولهذه الظاهرة دلالتها؛ لأنها لا تتضمَّن عملية القبض بالإبهام والسبابة، أي: أن الإبهام "وهو الذي لا تستخدمه سوى الكائنات البشرية" لا يشترك في سلوك القبض لدى الأطفال بعد ولادتهم بفترة قصيرة، وهم يتوقَّفون عن الاستجابة الانعكاسية للمثير على كف اليد، ويبدأ ظهور عملية القبض بالإبهام والسبابة, ومع أنه لا يمكن اعتبار الإدراك perception تقدمًا تطوريًّا سابق التحديد، إلّا أنه مع ذلك يكون مشتركًا بمهارات على مستوى عالٍ "تعلُّم اللغة مثلًا".. إن الدلالة التطورية المحدَّدة لعملية القبض بالإبهام والسبابة لا يمكن استنتاجها إلى من أنواع السلوك التي تجعلها ممكنة, كما أنَّ الأطفال حديثي الولادة يؤدون حركات سباحة انعكاسية reflexive swimming movements "حركات اليدين إلى الأمام والخلف" سرعان ما تختفي، يحتمل أن يكون هذا الانعكاس سلوكًا مترسبًا فقد دلالته التكيفية منذ وقت بعيد.
ويجب أن نلاحظ أن كلًّا من النمو الفردي، والنمو التطوري للنوع البشري يتضمَّن أنماطًا من السلوك قابلة للتكيُّف مع البيئة في حدود إمكانيات الأنواع والأفراد, وسوف نعرض فيما يلي للآليات الوراثية الأساسية في الأفراد، ثم مبادئ التطور التي تحكم التغير في الفرد والنمو التطوري للنوع البشري.