النمو بين الوراثة والبيئة مدخل
...
النمو بين الوراثة والبيئة:
مقدمة:
جاء وقت كان فيه علماء النفس بصفة عامَّة يعتقدون أن نفس مبادئ الوراثة تحكم كلًّا من السمات الجسمية والعقلية, وقد ركَّز بعض العلماء مثل: تشارلز داروين charles darwin، وكارل بيرسون karl pearson اهتمامهم على العلاقة بين الصفات الجسمية الموروثة والسلوك المترتِّب عليها. وكان ظهور السلوكية سببًا في استبعاد الافتراض بأنَّ السلوك يورث كما تورث السمات الجسمية، وافترضوا أنَّ السلوك يتحدد فقط بالتأثيرات البيئية ويخضع لقوانين التعلم, ومن هنا ثار جدل كبير واتسعت الهوة بين علم الأحياء وعلم النفس، ونتيجة لذلك: فقد واجه علماء السلوك النواحي الوراثية، وتأثَّر علم نفس النمو بصفة خاصَّة بالتقدم الهائل الذي تحقق حديثًا في علم الوراثة؛ لأنه يتضمَّن دراسة الاستعداد البيولوجي، والتأثيرات البيئية، والتفاعل فيما بين كلا المتغيرين.
ولقد اجتذب الأساس البيولوجي للسلوك في الفترة الأخيرة اهتمامًا كبيرًا بسبب ظهور آراء نظرية تنص على أن بعض أنماط السلوك مثل: "اللغة" ما هي إلّا نتيجة حتمية للتكوين الجسمي للكائنات البشرية التي تتفاعل مع ثقافة لغوية معينة, ويقدم هذا الفصل مناقشة عن المبادئ الأساسية للوراثة والتطور، مع الاهتمام بصفة خاصة بآثار الوراثة والتطور على فهم النمو الإنساني، وتأثيرها على النمو النفسي للأطفال بصفة خاصة، ثم نركِّز على البيئة المحيطة بالفرد وتأثيرها على النمو الإنساني، والتفاعل الحادث بين العوامل الوراثية والبيئية في تشكيل الكيان البشري.