الأسئلة المناسبة على الأطفال. ومع إننا لا نستطيع تجاهل الانتقاد بأنَّ أعماله يصعب جدًّا تكرارها، فإن الكثير من الآراء العامَّة في نظريته قد دلَّل آخرون على صحتها في مواقف أحسن تخطيطًا وقياسًا وأحكامًا مما فعله هو.
وفيما يلي عرض الخطوط العريضة لتفاصيل نظرية بياجيه في النمو المعرفي:
أ- الطفل كباحث نشط:
سنبدأ مناقشتنا لنظرية بياجيه بالافتراض العضوي العام أن الطفل باحث نشط. وفي ملاحظات شبيهة بملاحظات برونر وفيرنر، لاحظ بياجيه أنَّ الأطفال يؤثرون على بيئتهم باستجابات انعكاسية في فترة الطفولة المبكرة، ثم باستجابات أكثر تعقيدًا تنبعث من تلك التفاعلات المبكرة. ويرى بياجيه أن التفاعل المتبادل بين التركيب العضوي والبيئة عملية ذات اتجاهين، أحدهما: هو المواءمة accomilation, والآخر: هو الاستيعاب "التمثل" assimilation. وفي حالة المواءمة نجد أن معرفة الطفل بالبيئة تتعدل لتستوعب أشياء أو خبرات جديدة, والمؤاءمة هي سمة التملُّك العرفي الذي يتكشَّف مع المتطلبات المعرفية العديدة التي تفرضها البيئة. وفي الاستيعاب يدمج الطفل شيئًا أو خبرة جديدة في تكوين قائم، أي: إن الطفل يتواءم مع معرفة سبق له اكتسابها. وعملية التواؤم أو مطابقة خبرات أو أشياء جديدة في تكوينات موجودة من قبل يندر أن تكون أمينة مع الصفات الفعلية للأشياء, وبعبارة أخرى: فإن عملية الاستيعاب تتضمَّن تعديلات للشيء؛ بحيث يصبح ملائمًا للتنظيم المعرفي القائم, ومن المستحيل الفصل بين التواؤم والاستيعاب. "عادل عبد الله 1990، 42". ويجب على القارئ ألَّا يفترض أنهما متعاقبان أو أنَّ إحداهما أكثر هيمنة من الأخرى, أو أكثر منها أهمية. إنهما في الحقيقة متبادلتان، والتفاعل المتبادل بينهما يولّد النمو المعرفي, والبيان التفسيري التالي الذي قدَّمه فلافيل flavell "1963 ص59-50" يكشف عن تعقيدات الموضوع وعن أهميته:
"إن التقدُّم المعرفي في نظام بياجيه، ممكن لعدة أسباب، أولهما: إن الأفعال التواؤمية دائمة الامتداد إلى سمات جديدة ومختلفة للبيئة القريبة؛ لدرجة أن سمةً ما تَمَّ التواؤم معها حديثًا, يمكن أن نجد لها مكانًا مناسبًا في التكوين القائم للمعاني،