على ثلاثة أطفال يحتمل ألَّا يكونوا ممثلين للأطفال عامَّة, وقد يكون لهذا النقد وزنًا أكبر إذا تذكَّرنا أن بياجيه لم يتزعزع في اعتقاده بأنَّ المراحل المعرفية لا تتغير عبر الثقافات. لقد كان مفحوصوه يمثلون ثقافة واحدة، وعلاوة على ذلك فإنهم لم يكونوا مميزين لهذه الثقافة, ولو كان على بياجيه أن يرد على هذا النقد "من المحتمل أنه لم يكن ليستجيب"، فربما دافع عن رأيه بأنَّ أنماط الفعل تخرج بترتيب لا يتغير, ولذلك فلا حاجة للإفاضة في موضوع عدد "المفحوصين" "المفحوص= أفراد العينة".
ومن العجيب أن إحدى المعالجات السلوكية الحديثة الهامة، وهي موقف سكينر skinner الذي يتفق وموقف بياجيه, ويجري أنصار سكينر أبحاثهم على أعداد صغيرة من المفحوصين، يجرون عليهم قياسات معينة, وهم يبررون منهاهجهم في التجريب بنفس الطريقة التي برَّرَ بها بياجيه مناهجه، وهي أنَّ مبادئهم عن السلوك هي مبادئ عامة, وأنها تنطبق على كل التركيبات العضوية "الأفراد"، رغم أن القياسات التي تحدّد خواص المثير وموقف المثير قد يتطلّب الأمر تعديلها تبعًا لخواص التركيب العضوي "الفرد" الذي تجرى دراسته, أو تبعًا للسن "في حالة المفحوصين من البشر". وقد لاقت معالجة سكينر skinner نفس رد الفعل السلبي، غالبًا من نفس الأشخاص الذين انتقدوا بياجيه! ولكن منذ أن صدرت الصبغة المبدأية للنظرية، قام بياجيه وزملاؤه وأتباعه في كثير من البلاد بتحقيق الكثير من استنتاجاته مع أعداد لا تحصى من الأطفال.
والنقد الثاني لأعمال بياجيه: استخدامه للطريقة الإكلينيكية, والذي قد يكون أكثر خطورة، وهو قطعًا أصعب في الدفاع عنه. إن الطريقة الإكلينيكية تناسب اتجاهه التصوري والفلسفي الشامل، ولكنها استخدمت بطريقة فريدة, وقد يفيد هنا أن نقدِّم مثلًا توضيحيًّا, فكثير من علماء النفس المهتمين بالتعليم يرغبون في معرفة ما إذا كان الأطفال في سن 6 سنوات يعرفون أسماء الألوان الأساسية, وعندما يجدون أطفالًا يجهلون هذه الأسماء, فإنهم يحاولون التوصُّل إلى أفضل طريقة لتعليمهم إياها. إن اهتمامهم بهذه الظاهرة المعنية ينبع من العلاقة بين معرفة أسماء الألوان وبين الأداء في القراءة، وهي علاقة ليس من السهل تفهمها. أما بياجيه فلم