في تطبيق المعالجة التجريبية في دراسة مفاهيم بياجية. إن لبياجيه اليوم تأثير على الأبحاث وبناء النظريات من جانب علماء النفس الأمريكيين أقوى من تأثير أي فرد آخر. والحدث الثاني: هو البحث الذي قام به علماء النفس الروسيين "مثل لوريا luria 1966" والذي يعتبر أساسًا ذا طابع نفسي جسمي، والذي بدأ يضفي تأثيرًا واضحًا على الفكر الأمريكي حول نمو الطفل, ويمكن ملاحظة هذا التأثير مثلًا: في الأبحاث التي تتعلّق بالفعل المنعكس التوجيهي orienting reflex, وقد أحدث كل من هذين التأثيرين تغييرًا كبيرًا في نظرتنا للأطفال وللنمو, كما قدَّم نظرات متعمقة جديدة إلى متغيرات الوظيفية النفسية للإنسان.
وكما يتبين من هذا التاريخ المختصر لبعض النقاط الرئيسية في مجال علم نفس النمو, فإن المجال دائم التغير, ومن الصعوبة بمكان حاليًا تحديد الاتجاهات المباشرة التي سيتخذها الموضوع. غير أنه يبدو واضحًا أن ثَمَّة تأكيد ما سوف يتمثَّل في جهد قوي للجمع بين النظرية والبحث خارج حدود نظرية التعلّم.
وليس معنى ذلك أنَّ البحث من منطلق نظرية التعلُّم سوف يتوقّف، بل إن الأمر عكس ذلك، فإن التطورات المثيرة المنبثقة من بحث مثل بحث بياجيه، تعمل على توسيع آفاقنا في مجال الطفل, ونتيجة لذلك، فإن علماء النفس المهتمين بالنموّ يطرحون أسئلة جديدة مثيرة للاهتمام لم يكونوا يطرحوها من قبل, ويبدو أن طريقتي المعالجة السلوكية والعضوية لدراسة الأطفال تكمِّلان إحداهما الأخرى؛ لتكونا صورة أكثر اكتمالًا للأطفال ونموهم, مما استطاعت كلٌّ مهما أن تقدمه بمفردها.
وعلى صفحات هذا الكتاب، سوف نجري المقارنة والتقريب بين وجهتي النظر هاتين في محاولة للإجابة عن السؤال: ما هي الطريقة المثلى لعرض التكوين النفسي للطفل؟ وكيف نستطيع عرض العمليات النفسية الخاصة بالنمو أفضل عرض؟ وسوف تساعد هذه المقارنة على تحقيق هدفين, الأول: هو أنها سوف تهيئ أساسًا ذا اتساع مناسب لتفهُّم الفكر والطرق الحالية في مجال البحث في نمو الطفل, والثاني: أنها سوف تساعد على تقديم مزيد من المعلومات للرد على الموضوعات التي قدَّمناها عالية أكثر من مجرد وجهة نظر, ومع أن ذلك قد يبدو مربكًا أحيانًا، إلّا أنَّ تفهم نمو الطفل يتطلّب منَّا الإلمام بوضوحٍ بوجهات النظر المعارضة.