اسم الکتاب : شرح تشريح القانون لابن سينا المؤلف : ابن النفيس الجزء : 1 صفحة : 17
واعلم أن المداخلات التي في الشؤون تختلف في الناس، فمن الناس من تكون فيه قليلة جداً حتى تكون شؤونه شبيهة باللزاق. ومن الناس من تكون فيه كثيرة جداً حتى يكون الانفصال ماراً على مواضع كثيرة. وينبغي أن تكون كثرتها سبباً لصفاء الذهن والحواس، ونقاء الأرواح التي في الدماغ لأجل كثرة احلال أبخرته وأدخنته لكثرة سيل ذلك. وكيف كانت هذه المداخلات. فإنها تكون في باطن العظم أكثر منها في ظاهره، وسبب ذلك أن الأبخرة إذا تمكنت أو لاً من النفوذ في العظام أمكنها بعد ذلك الانحلال من مسامها ولا كذلك إذا احتبست أو لاً لقلة الخلل. ولو كانت المداخلات من خارج أكثر لكانت الزيادة تكون معطلة. لأن القدر الذي ينفذ من الأبخرة في المداخلات الداخلة يتمكن من النفوذ في مثلها بل في أقل منها من الخارجة وكان يكون مع ذلك التركيب واهياً. وشؤون مفاصل النساء أميل إلى الاستدارة مما للرجال. وذلك ليكون تحلل أبخرة رؤوسهن أكثر لأن هذه الأبخرة والأدخنة في رؤوسهن أزيد. ولذلك شعور رؤوسهن أطول. والله أعلم.
الفصل الثالث
تشريح ما دون القحف
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وللرأس بعد هذا خمسة عظام ... إلى آخر الفصل.
الشرح إن الأطباء مختلفون في عدد هذه العظام، وذلك أن منهم من يعد العظم الوتدي من عظام الفك الأعلى لا من عظام الرأس. وهم الأكثر ون وبعضهم يجعله عظماً واحداً وهو المشهور. وبعضهم يجعله عظمين لأنه أيضاً عند هؤلاء مقسوم بنصفين بدرز يقطعه في الطول على موازاة الدرز السهمي وهؤلاء يجعلون عظم الجبهة، والجدار الرابع مقسومين أيضاً بنصفين نصفين إذ يجعلون بدن الإنسان كله مقسوماً بنصفين على محاذاة الدرز السهمي وبإزاء هؤلاء من منع ذلك، وجعل عظم الفك الأسفل غير مقسوم إلى عظمين بل جعلهما عظماً واحداً، ومنع اللحام الذي بين جانبيه البتة وأيضاً من الأطباء من يعد عظام الزوج من جملة عظام الرأس، ثم اختلفوا في أنها أربعة عظام أو عظمان فقط من كل جانب عظم، فلذلك أكثر ما قيل في هذه العظام أنها اثنا عشر عظماً، أعني بذلك ما سوى عظمي اليافوخ من عظام الرأس اثنان، وهما العظمان الحجريان واثنان هما عظما الجبهة واثنان هما الجدار الرابع واثنان هما العظم الوتدي وأربعة هن عظام الصدغين وتسمى عظام الزوج. وأقل ما قيل فيها إنها أربعة هي: الجدران وقيل إنها خمسة: هي الجداران والوتدي.
وقيل إنها ستة: هي الجداران وعظام الزوج، وهن اثنان.
وقيل إنها سبعة: الجدران والوتدي، وعظما الزوج.
وقيل إنها ثمانية: الجداران الأربعة، وعظام الزوج وهن أربعة.
وقيل إنها تسعة: الجدران الأربعة، والوتدي، وعظام الزوج وهي أربعة.
وقيل إنها عشرة: الحجريان، وعظما الجبهة، وعظما الجدار الرابع، وعظما العظم الوتدي، وعظما الزوج.
ولم يقل أحد إنها أحد عشر.
فلنشرع الآن في تحديد هذه العظام.
ولنحدد أو لاً عظمي اليافوخ فنقول: إن كل واحد من عظما اليافوخ يحده من فوق الدرز السهمي، ومن تحت الدرز القشري الذي من جهته، ومن قدام القوس من الإكليلي الذي هو يفصله ذلك الدرز القشري من تحت، والسهمي من فوق. ويحده من خلف خط مستقيم هو قطعة من الضلع الذي في تلك الجهة من ضلعي الدرز اللامي، يفصله من تحت الدرز القشري، ومن فوق الدرز السهمي. وأما الجدار المقدم، وهو عظم الجبهة وقد ذكرنا ما فيه من الخلاف في أنه عظم واحد أو عظمان يفصل بينهما مفصل درز آخذ من طرفي السهمي إلى ما بين الحاجبين. وكيف كان، فإن حد هذا العظم من فوق الدرز الإكليلي، ومن تحت درز يمر تحت الحاجبين، وينتهي طرفاه عند الدرز الإكليلي من الجانبين، وذلك عند حفرتي الصدغين، وهذا هو الدرز المشترك بين الرأس والفك الأعلى ومداخلاته قليلة، فلذلك يشبه اللزاق.
وأما الجدار الرابع وهو عظم مؤخر الرأسين. وقد ذكرنا أيضاً ما فيه من الخلاف بأنه عظم واحد أو عظمان يفصل بينهما درز آخذ من طرف السهمي إلى منتصف وتر الزاوية التي يحيط بها ضلعا اللامي. وكيف كان فيحده من فوق الدرز اللامي، ومن تحت مفصل الرأس مع الفقرة الأولى، وأسفله مثقب وفيه الثقب الذي هو أعظم ثقب في عظام الرأس، وهو الذي يخرج منه النخاع.
اسم الکتاب : شرح تشريح القانون لابن سينا المؤلف : ابن النفيس الجزء : 1 صفحة : 17