responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل فلسفية المؤلف : الرازي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 32
ضرراً عاجلاً دنيائيّاً. فإنه وإن تجرع في صدور أموره من زمّ الهوى وقمعه مرارةً وبشاعةً فستُعقبه أردافها حلاوةً ولذاذةً يغتبط بها ويعظم بها سروره وارتياحه عندها، مع أنّ المؤونة في احتمال مغالبة الهوى وقمع الشهوات ستخف عليه بالاعتياد ولا سيّما إذا كان ذلك على تدريج بأن يعّود نفسه ويأخذها أولاً بمنع اليسير من الشهوات وتركِ بعض ما تهوى لِما يوجبه العقل والرأي، ثم يروم من ذلك ما هو أكثر حتى يصير ذلك فيه مقارناً للخُلق والعادة وتذلّ نفسه الشهوانية وتعتاد الانقياد للنفس الناطقة. ثم يزداد ذلك ويتأكد عند سروره بالعواقب العائدة عليه من زمّ هواه وانتفاعه برأيه وعقله وسياسة أموره بهما ومدح الناس له على ذلك واشتياقهم إلى مثل حاله. يوية والنطق فلها من ذاتها، وأما بُعدها عن الألم فلبُعدها عن الكون والفساد، وأما اغتباطها بمكانها وعالمها فلتخلُّصها من مخالطة الجسم والكونِ في العالم الجسداني. وأنه متى كانت مفارقتها للجسد وهي لم تكتسب هذه المعاني ولم تعرف العالم الجسداني حقَّ معرفته بل كانت تشتاق إليه وتحرص على الكون فيه لم تبرح مكانها ولم تزل متعلقة بشيء منه، ولم تزل - لتداول الكون والفساد للجسد الذي هي فيه - في آلام متصلة مترادفة وهموم جمّة مؤذية. فهذه جملةٌ من رأي فلاطن ومِن قبله سقراط المتخِّلي المتألِّه. وبعدُ فما من رأيٍ دنيائي قطُّ إلاّ ويُوجب شيئاً من زمّ الهوى والشهوات ولا يُطلق إهمالها وإمراجها، فزمُّ الهوى وردعه واجب في كل رأي وعند كل عاقل وفي كل دين. فليلاحظ العاقل هذه المعاني بعين عقله ويجعلها من همّه وباله. وإن هو لم يكتسب من هذا الكتاب أعلى الرُتَب والمنازل في هذا الباب فلا أقل من أن يتعلق ولو بأخس المنازل منه، وهو رأيُ مَن رأي زمَّ الهوى بمقدار ما لا يجلب ضرراً عاجلاً دنيائيّاً. فإنه وإن تجرع في صدور أموره من زمّ الهوى وقمعه مرارةً وبشاعةً فستُعقبه أردافها حلاوةً ولذاذةً يغتبط بها ويعظم بها سروره وارتياحه عندها، مع أنّ المؤونة في احتمال مغالبة الهوى وقمع الشهوات ستخف عليه بالاعتياد ولا سيّما إذا كان ذلك على تدريج بأن يعّود نفسه ويأخذها أولاً بمنع اليسير من الشهوات وتركِ بعض ما تهوى لِما يوجبه العقل والرأي، ثم يروم من ذلك ما هو أكثر حتى يصير ذلك فيه مقارناً للخُلق والعادة وتذلّ نفسه الشهوانية وتعتاد الانقياد للنفس الناطقة. ثم يزداد ذلك ويتأكد عند سروره بالعواقب العائدة عليه من زمّ هواه وانتفاعه برأيه وعقله وسياسة أموره بهما ومدح الناس له على ذلك واشتياقهم إلى مثل حاله.

الفصل الثالث
جملةٌ قُدّمت قبل ذكر عوارض النفس
الرديئة على انفرادها
أما وقد وطأنا لما يأتي بعدُ من كلامنا أُسَّه وذكرنا أعظم الأصول في ذلك مما فيه غنىً وعليه معونةٌ فإنا ذاكرون من عوارض النفس الرديّة والتلُّطف لإصلاحها ما يكون قياساً ومثالاً لِما لم نذكره منها. ونتحرى الإيجاز والاختصار

اسم الکتاب : رسائل فلسفية المؤلف : الرازي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست