اسم الکتاب : ديكارت مبادئ الفلسفة المؤلف : عثمان أمين الجزء : 1 صفحة : 56
وأنه ليس لنا أبدان، لكننا لا نستطيع أن نفترض أننا غير موجودين حين نشك في حقيقة هذه الأشياء جميعا؛ لأن مما تأباه عقولنا أن نتصور أن ما يفكر لا يكون موجودًا حقا حينما يفكر. وعلى الرغم من أشد الافتراضات شططا, فإننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من الاعتقاد بأن هذه النتيجة: أنا أفكر، وإذن فأنا موجود[1] صحيحة، وبالتالي أنها أهم وأوثق معرفة تعرض لمن يدير أفكاره بترتيب[2].
8- في أننا نعرف أيضا بعد ذلك التمييز القائم بين النفس والبدن:
ويبدو لي أيضا أن هذا المسلك هو خير المسالك التي نستطيع أن نختارها لكي نعرف طبيعة النفس, وأنها جوهر متميز كل التميز عن البدن؛ لأننا حين نفحص عن ماهيتنا نحن الذين نفكر الآن في أنه ليس خارج فكرنا شيء هو موجود حقا، نعرف جليا أننا لا نحتاج لكي نكون موجودين إلى أي شيء آخر يمكن أن يعزى إلى الجسم، وإنما وجودنا بفكرنا وحده. وإذن ففكرتنا عن نفسنا أو عن فكرنا سابقة على فكرتنا عن الجسم، وهذه الفكرة أكثر يقينا. بالنظر إلى أننا لا نزال نشك في وجود أي جسم, في حين أننا نعرف على وجه اليقين أننا نفكر.
9- ما هو الفكر؟:
أقصد بلفظ الفكر كل ما يختلج فينا بحيث ندركه بأنفسنا إدراكًا مباشرًا. ومن أجل هذا لا يقتصر مجال الفكر على التعقل والإرادة والتخيل، بل يتناول الإحساس أيضا؛ لأني حين أقول: أنا أرى وأمشي، وإذن فأنا موجود، وحين [1] هذا الدليل المشهور باسم "الكوجيتو" مبسوط بسطا تحليليا لماحا في التأمل الثاني. [2] انظر ما يقوله ديكارت عن الترتيب, والدور الذي يقوم به في بناء العلم "المقال في المنهج، القسم الثاني، القاعدة الثالثة".
اسم الکتاب : ديكارت مبادئ الفلسفة المؤلف : عثمان أمين الجزء : 1 صفحة : 56