اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 301
بأسباب تستولي على الحديد فتحلله إلى بسائط العناصر ثم تجمع العناصر وتدار في أطوار في الخلقة إلى أن تكتسب صورة القطن ثم يكتسب القطن صورة الغزل ثم الغزل يكتسب الانتظام المعلوم الذي هو النسج على هيئة معلومة. ولو قيل إن قلب الحديد عمامة قطنية ممكن من غير الاستحالة في هذه الأطوار على سبيل الترتيب كان محالاً. نعم يجوز أن يخطر للإنسان أن هذه الاستحالات يجوز أن تحصل كلها في زمان متقارب لا يحس الإنسان بطولها فيظن أنه وقع فجأة دفعة واحدة.
هذا ما يقتضيه أيضاً تجدد بدن الإنسان لترد النفس إليه
وإذا عقل هذا فالإنسان المبعوث المحشور لو كان بدنه من حجر أو ياقوت أو در أو تراب محض لم يكن إنساناً بل لا يتصور أن يكون إنساناً، إلا أن يكون متشكلاً بالشكل المخصوص مركباً من العظام والعروق واللحوم والغضاريف والأخلاط، والأجزاء المفردة تتقدم على المركبة فلا يكون البدن ما لم تكن الأعضاء ولا تكون الأعضاء المركبة ما لم تكن العظام واللحوم والعروق ولا تكون هذه المفردات ما لم تكن الأخلاط ولا تكون الأربعة ما لم تكن موادها من الغذاء ولا يكون الغذاء ما يكن حيوان أو نبات وهو اللحم والحبوب ولا يكون حيوان ونبات ما لم تكن العناصر الأربعة جميعاً ممتزجة بشرائط مخصوصة طويلة أكثر مما فصلنا جملتها. فإذن لا يمكن أن يتجدد بدن إنسان لترد النفس إليه إلا بهذه الأمور.
وهذا محال من جميع الوجوه
ولها أسباب كثيرة: أفينقلب التراب إنساناً بأن يقال له كن؟ أو بأن تمهد أسباب انقلابه في هذه الأدوار وأسبابه هي إلقاء النطفة المستخرجة من لباب بدن الإنسان في رحم حتى يسمد من دم الطمث ومن الغذاء مدة حتى يتخلق مضغة ثم علقة ثم جنيناً ثم طفلاً ثم شاباً ثم كهلاً.
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 301