اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 296
وهذا قسم.
إما أن ترد النفس إلى بدن أياً كان
وإما أن يقال: يرد النفس إلى بدن سواء كان من تلك الأجزاء أو من غيرها ويكون العائد ذلك الإنسان من حيث أن النفس تلك النفس، فأما المادة فلا التفات إليها إذ الإنسان ليس إنساناً بها بل بالنفس.
وهذه الأقسام الثلثة باطلة.
وهذه الثلاثة باطلة
ففي الأول إيجاد لمثل ما كان لا إعادة عين ما كان
أما الأول فظاهر البطلان لأنه مهما انعدمت الحيوة والبدن فاستئناف خلقها إيجاد لمثل ما كان لا لعين ما كان، بل العود المفهوم هو الذي يفرض فيه بقاء شيء وتجد شيء، كما يقال: فلان عاد إلى الإنعام أي أن المنعم باق، وترك الإنعام ثم عاد إليه أي عاد إلى ما هو الأول بالجنس ولكنه غيره بالعدد فيكون عوداً بالحقيقة إلى مثله لا إليه. ويقال: فلان عاد إلى البلد أي بقي موجوداً خارجاً وقد كان له كون في البلد فعاد إلى مثل ذلك فإن لم يكن شيء باق وشيئان متعددان متماثلان يتخللهما زمان لم يتم اسم العود، إلا أن يسلك مذهب المعتزلة فيقال: المعدوم شيء ثابت والوجود حال يعرض له مرة وينقطع تارة ويعود أخرى فيتحقق معنى العود باعتبار بقاء الذات ولكنه رفع للعدم المطلق الذي هو النفي المحض وهو إثبات للذات مستمرة الثبات إلى أن يعود إليه الوجود وهو محال.
فلا يعود الإنسان بعينه
وإن احتال ناصر هذا القسم بأن قال: تراب البدن لا يفنى فيكون باقياً فتعود إليه الحيوة. فنقول عند ذلك يستقيم أن يقال: عاد التراب حياً بعد أن انقطعت الحيوة عنه مرة، ولا يكون ذلك عوداً للإنسان ولا رجوع ذلك الإنسان بعينه لأن الإنسان إنسان لا بمادته والتراب الذي فيه إذ يتبدل عليه سائر الأجزاء أو أكثرها بالغذاء وهو ذاك الأول بعينه، فهو باعتبار روحه أو نفسه
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 296