responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
يستحيل أن يدرك الجسم الذي هو محله ولم يلزم أن يحكم من جزئي معين على كلي مرسل؟

لا يحكم ببعض الحواس على جميعها
ومما عرف بالاتفاق بطلانه وذكر في المنطق أن يحكم بسبب جزئي أو جزئيات كثيرة على كلي حتى مثلوه بما إذا قال الإنسان إن كل حيوان فإنه يحرك عند المضغ فكه الأسفل لأنا استقرأنا الحيوانات كلها فرأيناها كذلك، فيكون ذلك لغفلته عن التمساح فإنه يحرك فكه الأعلى وهؤلاء لم يستقرئوا إلا الحواس الخمس، فوجدوها على وجه معلوم فحكموا على الكل به. فلعل العقل حاسة أخرى تجري من سائر الحواس مجرى التمساح من سائر الحيوانات، فتكون إذن الحواس مع كونها جسمانية منقسمة إلى ما يدرك محلها وإلى ما لا يدرك كما انقسمت إلى ما يدرك مدركه من غير مماسة كالبصر وإلى ما لا يدرك إلا باتصال كالذوق واللمس. فما ذكروه أيضاً إن أورث ظناً فلا يورث يقيناً موثوقاً به.

قد يقال على العقل أن يدرك القلب دائماً إما ألا يدركه أبداً
فإن قيل: لسنا نعول على مجرد الاستقراء للحواس بل نعول على البرهان ونقول: لو كان القلب أو الدماغ هو نفس الإنسان لكان لا يعزب عنه إدراكهما حتى لا يخلوا عن أن يعقلهما جميعاً كما أنه لا يخلوا عن إدراك نفسه، فإن أحداً لا يعزب ذاته عن ذاته بل يكون مثبتاً لنفسه في نفسه أبداً، والإنسان ما لم يسمع حديث القلب والدماغ أو لم يشاهد بالتشريح من إنسان آخر لا يدركهما ولا يعتقد وجودهما. فإن كان العقل حالاً في جسم فينبغي أن يعقل ذلك الجسم أبداً أو لا يدركه أبداً وليس واحد من الأمرين بصحيح بل يعقل حالة ولا يعقل حالة.

اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست