اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 221
تميز جسم السماء بتلك الصفة التي بها فارق غيره من الأجسام، وسائر الأجسام أيضاً أجسام؟ فلم حصل فيه ما لم يحصل في غيره؟ فإن علل ذلك بصفة أخرى توجه السؤال في الصفة الأخرى، وهكذى يتسلسل إلى غير نهاية فيضطرون بالآخرة إلى التحكم في الإرادة وأن في المبادئ ما يميز الشيء عن مثله ويخصصه بصفة عن أمثاله.
أو تكون بالطبع وبدون أن تشعر لا لطلب المكان ولا للهرب منه الثالث هو أن يسلم أن السماء اختص بصفة تلك الصفة مبدأ الحركة كما اعتقدوه في هوى الحجر إلى أسفل إلا أنه لا يشعر به كالحجر. وقولهم: إن المطلوب بالطبع لا يكون مهروباً عنه بالطبع، فتلبيس لأنه ليس ثم أماكن متفاصلة بالعدد عندهم بل الجسم واحد والحركة الدورية واحدة فلا للجسم جزء بالفعل ولا للحركة جزء بالفعل وإنما يتجزى بالوهم، فليست تلك الحركة لطلب المكان ولا للهرب من المكان. فيمكن أن يخلق جسم وفي ذاته معنى يقتضي حركة دورية وتكون الحركة نفسها مقتضى ذلك المعنى لا أن مقتضى المعنى طلب المكان، ثم تكون حركة للوصول إليه.
الحركة نفس المقتضى لا لطلب مكان
وقولكم: إن كل حركة فهو لطلب مكان أو هرب منه إذا كان ضرورياً، فكأنكم جعلتم طلب المكان مقتضى الطبع وجعلتم الحركة غير مقصودة في نفسها بل وسيلة إليه ونحن نقول: لا يبعد أن تكون الحركة نفس المقتضى لا لطلب مكان، فما الذي يحيل ذلك؟
الخلاصة
فاستبان أن ما ذكروه إن ظن أنه أغلب من احتمال آخر فلا يتيقن قطعاً انتفاء غيره. فالحكم على السماء بأنه حيوان تحكم محض لا مستند له.
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 221