اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 193
مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل
على أن الأول ليس بجسم قولنا وما الأمر إذا كان الأول جسماً قديماً؟
فنقول: هذا إنما يستقيم لمن يرى أن الجسم حادث من حيث أنه لا يخلوا عن الحوادث، وكل حادث فيفتقر إلى محدث. فأما أنتم إذا عقلتم جسماً قديماً لا أول لوجوده مع أنه لا يخلوا عن الحوادث فلم يمتنع أن يكون الأول جسماً إما الشمس وإما الفلك الأقصى وإما غيره؟
قولهم الأول لا يقبل القسمة والجسم لا يكون إلا مركباً
فإن قيل: لأن الجسم لا يكون إلا مركباً منقسماً إلى جزئين بالكمية وإلى الهيولى والصورة بالقسمة المعنوية وإلى أوصاف يختص بها لا محالة حتى يباين سائر الأجسام، وإلا فالأجسام متساوية في أنها أجسام وواجب الوجود واحد لا يقبل القسمة بهذه الوجوه.
قولنا أبطلنا هذا فيما سبق
قلنا: وقد أبطلنا هذا عليكم وبينا أنه لا دليل لكم عليه سوى أن المجتمع إذا افتقر بعض أجزائه إلى البعض كان معلولاً. وقد تكلمنا عليه وبينا أنه إذا لم يبعد تقدير موجود لا موجد له لم يبعد تقدير مركب لا مركب له وتقدير موجودات لا موجد لها، إذ نفي العدد والتثنية بنيتموه على نفي التركيب ونفي التركيب على نفي الماهية سوى الوجود وما هو الأساس الأخير فقد استأصلناه وبينا تحكمكم فيه.
قولهم الجسم بلا نفس لا يكون فاعلاً
وإن كان له نفس فنفسه علة له
فإن قيل: الجسم إن لم يكن له نفس لا يكون فاعلاً وإن كان له نفس فنفسه علة له فلا يكون الجسم أولاً.
قولنا كلا
قلنا: نفسنا ليس علة لوجود جسمنا ولا نفس الفلك بمجردها علة
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 193