اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 184
.. ولا يقيمون الدليل على كونه عالماً ... وسنبين ذلك على أنا سنبين بعد هذا عجزهم عن إقامة الدليل على كونه عالماً بنفسه وبغيره في مسألة مفردة.
مسألة في إبطال قولهم أن الأول لا يجوز أن يشارك غيره في جنس
ويفارقه بفصل وأنه لا يتطرق إليه انقسام في حق العقل بالجنس والفصل
رأيهم
وقد اتفقوا على هذا وبنوا عليه أنه إذا لم يشارك غيره بمعنى جنسي لم ينفصل عنه بمعنى فصلي، فلم يكن له حد إذ الحد ينتظم من الجنس والفصل، وما لا تركيب فيه فلا حد له. وهذا نوع من التركيب. وزعموا أن قول القائل: أنه يساوي المعلول الأول في كونه موجوداً وجوهراً وعلة لغيره ويباينه بشيء آخر لا محالة، فليس هذا مشاركة
في الجنس بل هو مشاركة في لازم عام. في الجنس
وفرق بين الجنس واللازم في الحقيقة وإن لم يفترقا في العموم على ما عرف في المنطق، فإن الجنس الذاتي هو العام المقول في جواب ما هو ويدخل في ماهية الشيء المحدود ويكون مقوماً لذاته. فكون الإنسان حياً داخل في ماهية الإنسان أعني الحيوانية فكان جنساً. وكونه مولوداً ومخلوقاً لازم له لا يفارقه قط ولكنه ليس داخلاً في الماهية.
وإن كان لازماً عاماً، ويعرف ذلك في المنطق معرفة لا يتمارى فيها.
قولهم إن الوجود لا يدخل في ماهية الأشياء ...
وزعموا أن الوجود لا يدخل قط في ماهية الأشياء بل هو مضاف إلى الماهية: إما لازماً لا يفارق كالسماء، أو وارداً بعد أن لم يكن كالأشياء الحادثة، فالمشاركة في الوجود ليس مشاركة في الجنس.
... ولا يدخل فيها "كونه علة" ... وأما مشاركته في كونه علة لغيره كسائر العلل فهو مشاركة في إضافة لازمة لا تدخل أيضاً في الماهية، فإن المبدئية والوجود لا يقوم واحد منهما الذات بل يلزمان الذات بعد تقوم الذات بأجزاء ماهيته. فليس المشاركة فيه إلا مشاركة في لازم عام يتبع الذات لزومه لا في جنس. ولذلك لا تحد الأشياء إلا بالمقومات، فإن حدث باللوازم كان ذلك رسماً للتمييز لا لتصوير حقيقة الشيء. فلا يقال في حد المثلث إنه الذي تساوي
اسم الکتاب : تهافت الفلاسفة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 184