responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 457
ب- وأشهر الوجوديين الفرنسيين الآن، أي: أكثرهم إنتاجًا وضجيجًا؛ جان بول سارتر الذي يعرف الوجودية بأنها مذهب إنساني، ويلح في تحليل النواحي القذرة البشعة من الإنسان في قصص تلقى رواجًا كبيرًا [1] , وهو مادي ملحد يظن أن الإلحاد يستلزم القول بأن الوجود في الإنسان سابق على الماهية، أو أن "الإنسان يوجد أولًا ويعرف فيما بعد" من حيث إنه لا يوجد إله يتصور الماهية الإنسانية ثم يحققها كما يتصور الصانع ماهية الآلة ثم يصنعها أو كما يتصور كنط الماهية الإنسانية "سابقة على الوجود التاريخي الذي نصادفه في الطبيعة". هذا موقفه الميتافيزيقي, وهذا الموقف يعود إلى القول بأنه يجب البدء من "الذاتية" لأجل دراسة الإنسان فينظر إليه كما هو موجود في بيئة معينة, وفي كل فرد على حدة دون اعتبار للمعنى الكلي الذي يقال: إنه يمثل الماهية والذي يدرجون تحته "إنسان الغابات وإنسان الطبيعة والبورجوي" على السواء. ومتى كان الوجود سابقًا على الماهية لم يبق في الإنسان شيء يعين سلوكه ويحد حريته بل كان حرا كل الحرية يعمل ما يشاء ولا يتقيد بأي شيء, إذ إن الوجودية "لا ترى أن بوسع الإنسان أن يجد معونة في علامة على الإرض تهديه السبيل؛ لأنها ترى أن الإنسان يفسر الأشياء بنفسه كما يشاء، وأنه محكوم عليه في كل لحظة أن يخترع الإنسان". فما الإنسان "إلا ما يصنع نفسه وما يريد نفسه وما يتصور نفسه بعد الوجود". بهذا يظن سارتر أنه يحقق الغرض الذي يرمي إليه وهو إنقاذ الحرية من الجبرية، فيصف الوجودية بأنها مذهب تفاؤل لأنها تضع مصير الإنسان بين يديه "فتجعل الحياة الإنسانية ممكنة".

= الدين فيها يرددون هذه التعاليم ويعيشون كسائر الناس, فتبقى أقوالهم عديمة الأثر لانعدام الحياة منها. فألم وحزن وثار على الكنيسة الرسمية والفلسفات السائدة وبخاصة الفلسفة الهجلية التي توحد بين الوجود والماهية المجردة. أما هو فينظر في الإنسان "أو في نفسه هو" على أساس أن المطلوب مذهب يستولي على الإنسان في إنيته، فوجد أن النظر العقلي لا يسفر إلا عن مفارقات، وأن الإنسان أناني، ومن المحتوم أن يقع في اليأس، وأن الأخلاق والفن قاصران عن الوفاء بالغرض لأنهما ينصان على قواعد عامة لا تمس النفس، وأن المسيحية وحدها تضع علاقة شخصية بين الفرد والله، فيجب اعتناقها من صميم النفس مهما تبد معارضة للعقل "في عرفه" وللعالم والزمان. وقد بلغ كير كجارد في التحليل والتعمق شأوًا بعيدًا جعل بعض النقاد يضعونه في صف بسكال.
[1] كتبه الفلسفية: "المخيلة" "الخيالي" "الوجود واللاوجود".
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست