responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 355
الخلق مجاراة للرأي العام، وصرح بأن الحياة لغز من الألغاز، وأن ما في العالم من ألم يعدل بنا عن القول بعناية إلهية، وأنه هو "لا أدري" لا يقول بالعناية ولا بالصدفة [1] , وأن الكلمة الأخيرة عنده هي "أن المسألة خارجة عن نطاق العقل, ولكن بوسع الإنسان أن يؤدي واجبه".
د- وهل يدع مذهبه محلا لواجب؟ ما مذهبه إلا المذهب المادي المعروف، وقد خلع عليه حلة علمية شائقة، ولكنها لا تخفي عيوبه عن النظر الثاقب. قلنا: إن دروين عجب لتشابه أفراد النوع الواحد من حيث بنية الجسم وتوزعها أصنافًا تبعًا للبيئة وظروف المعيشة, فظاهر أن النوع ثابت من حيث الجوهر متغير من حيث العرض، ولكن دروين اتخذ التغير العرضي معيارًا وفسر الأنواع أنفسها كما تفسر الأصناف. وقد نسلم بالتطور ثم نرانا مضطرين إلى اعتبار الإنسان نوعًا قائمًا بذاته بسبب ما يختص به من علم ولغة وفن وصناعة وخلق ودين، وهي مظاهر للعقل لا نظير لها ولا أصل في سائر الحيوان. وقد نسلم بالتطور ثم نرانا مضطرين إلى الإقرار بموجد للمادة موجه لها، لقصور المادة عن تنظيم نفسها، ولكن من العلماء والفلاسفة من يفكرون كالعامة بالمخيلة دون العقل فيسيغون المحالات, وسنصادف نفرًا منهم فيما يأتي من فصول, يتخذون من مذهب التطور سلاحًا يهاجمون به الدين والروحيات إطلاقًا.

[1] في موضع كتب في سنة 1876 من ترجمته لحياته.
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست