responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 346
لا بالنحيف ولا بالبدين، لا بالأبيض ولا بالأسود، وهو كل ذلك معًا، وهو ليس شيئًا من ذلك. ثم يقرر أننا كلما تصورنا شيئًا تصورناه صورة شخصية جزئية، وأن أصل الاعتقاد بالمعاني المجردة أننا نستطيع أن نقصر انتباهنا على بعض عناصر الصورة الجزئية وأن نمضي في سلسلة من الاستدلالات خاصة بهذه العناصر دون سواها كما لو كان بإمكاننا أن نتصورها منفصلة عن الباقي؛ وإنما نستطيع ذلك باستخدام الإشارات، وبخاصة الألفاظ، فنوجد رباطًا صناعيًّا بين العناصر التي تشترك فيها طائفة من الأشياء وبين صوت ملفوظ، حتى إذا ما طرق الصوت سمعنا قامت في ذهننا فكرة شيء حاصل على هذه العناصر. ولم يفطن مل إلى أن هذا التفسير اعتراف بالمعنى المجرد من حيث يريد أن يكون إنكارًا، فإنه يمكن أن يقال: "عناصر مشتركة" يجب أن تكون هذه العناصر مدركة بحيث لا تتعلق بواحد, أي: أن تكون مجردة من العلائق الشخصية, ولكي يوضع اللفظ يجب أن يوجد في الذهن معنى هو الذي يحمل على وضعه. ولكن مل يظن أنه قد استبعد المعنى المجرد، ويرتب على هذا الظن نتائج منها: أنه لا ينبغي التحدث عن مفهوم المعاني وماصدقها، بل ينبغي الاقتصار على القول بأن اللفظ denote يدل على أفراد الطائفة ويتضمن connote العناصر، مثل لفظ الطير فإنه يدل على النسور والعصافير والغربان والإوز وما إليها، ويتضمن الحياة والجناحين وما إلى ذلك من العناصر التي نطلق بسببها اسم الطير. ونتيجة أخرى هي أن الحد قضية معلنة دلالة اللفظ، لا أنه قضية معبرة عن ماهية الشيء المحدود كما يقول المنطق القديم: "كل ما يوجد من حق في القول بأن الإنسان لا يتصور بدون النطق، هو أنه لو لم يكن له النطق لما اعتبر إنسانًا, فلا استحالة في التصور ولا في الشيء, وإنما تنشأ الاستحالة من اصطلاح اللغة" كأن اصطلاح اللغة نشأ وثبت عبثًا!
ج- ويظن مل أننا في غنى عن المعنى المجرد لتركيب الحكم، فيرى أن الأحكام الواقعية التي من قبيل قولنا: هذا الحائط أبيض، هي عبارة عن الجمع بين إحساسين لا أكثر، وأن الأحكام التي تسمى ضرورية تفسر بتداعي الأفكار أي: بالتجربة أيضًا، وذلك أن التداعي يوثق الصلة بين ظاهرتين حتى لا نستطيع تصورهما منفصلتين، فالضرورة ترجع إلى عجزنا عن تصور نقيض حكم ما أو

اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست