responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 241
هذه الظواهر". ذلك بأن كل ما يحدث بموجب العلية الطبيعية يحدث بعد حادث سابق يعينه, وهكذا إلى غير نهاية, فإذا لم يكن هناك سوى هذه العلية لزم القول بسلسلة لامتناهية من العلل لتعيين كل ظاهرة، ولكن السلسلة اللامتناهية لا تتم أبدًا، فيجب أن تكون سلسلة العلل تامة أي: متناهية، ومن ثمة يجب التسليم بعلية حرة قادرة على أن تبدأ سلسلة ظواهر تجري حسب القوانين الطبيعية. نقيض القضية: "ليس هناك حرية، ولكن كل شيء في العالم يحدث بحسب قوانين طبيعية" ذلك بأن كل بداية فعل تفترض في العلة حالة لا تكون فيها فاعلة، فإذا صارت إلى حالة هي فيها فاعلة, كان فيها حالتان متعاقبتان لا تربط بينهما علاقة علية, ولكن لكل ظاهرة علة, فالحرية معارضة لقانون العلية. هذا التناقض يتناول مسألة الحلق، ونحن نسلم القضية، ونلاحظ أن الدليل الذي يورده كنط عين الدليل على القضية في التناقض الأول، وأن هذا الدليل يقيم العلية على تناهي سلسلة العلل في الزمان، على حين أن التناهي الذي يحتمه مبدأ العلية هو تناهي عدد العلل المترتبة بالذات أي: المتوقف بعضها على بعض آخر، كما بيناه في عرض برهنة القديس توما الأكويني على وجود الله. ونحن نرفض نقيض القضية، فإنه يغلط من وجهين: أحدهما أنه يفترض أن الله يشرع في الفعل في وقت ما، وهذا تشخيص للزمان قبل وجوده؛ والوجه الآخر أنه يفترض في الله انتقالا من القوة إلى الفعل، وهذا مخالف لماهية الله الذي هو فعل محض، فإن حدوث العالم لا يعني أن الله فعل بعد أن لم يكن فاعلا، بل إن العالم وجد بعد أن لم يكن موجودًا، فالعالم هو الذي يتغير بموجب إرادة إلهية قديمة، وإذا كان مبدأ العلية يقضي بأن لكل ظاهرة علة، فإنه لا يقضي بأن كل علة معلولة، إذ إن التسلسل معناه عدم الوصول إلى علة أبدًا, ومناقضة مبدأ العلية.
ز- التناقض الرابع: القضية: "العالم المحسوس يتعلق بموجود ضروري، سواء أكان هذا الموجود جزءًا من العالم أو علة مفارقة له" ذلك بأن العالم المحسوس سلسلة تغيرات، وكل تغير فله شرط سابق في الزمان, وكل ما كان مشروطًا فهو يفترض جملة شروطه بأكملها بحيث يقوم على الضروري. وهذا الضروري يجب أن يكون داخلًا في العالم المحسوس لكي يعين سلسلة التغيرات فيه، ولو كان خارج العالم وخارج الزمان لما أمكن أن يكون أساسًا للوجود الحادث. نقيض

اسم الکتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة المؤلف : يوسف مكرم    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست