responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القياس المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 86
وينبغي أن تعلم أنه لا يمكن الإنسان أن يغلط فيضع مقدمتين متقابلتين في قياس واحد بسيط بعينه. وكذلك لا يمكن السائل أن يغلط المجيب حتى يسلم له مقدمتين معا متناقضتين في قياس واحد بسيط ولا أن يسلمها إذا سئل عنها بجهة واحدة- مثل أن يسلم أن هذا الشيء خير وأنه ليس بخير. وإنما يمكن ذلك إذا سئل عنها بجهة واحدة ووضعت بجهة أخرى أو وضعت جزءا من مقاييس مركبة. أما وضعها بجهة والسؤال عنها بجهة فمثل أن يسأل أليس الحي الأبيض ليس بأبيض، فإنه يمكن أن يسلم لنا هذا لأن الأبيض هو مجموع شيئين وليس هو أبيض وحده فقط. فعلى هذا المفهوم يمكن المجيب أن يسلم لنا هذه المقدمة عند سؤالنا إياه عنها. فإذا سألناه بعد أليس الإنسان حي أبيض، أمكن أيضا أن يسلم لنا هذه الأخرى فينتج عليه المحال، وهو أن بعض ما هو أبيض ليس بأبيض. وكذلك يمكن أيضا أن يسلم لنا المتقابلتين إذا وضعنا إحداهما جزءا من قياس بسيط نحو نتيجة محدودة ووضعنا الأخرى أيضا جزءا من قياس آخر بسيط نحو أيضا نتيجة أخرى. وبهذا بعينه يمكن الإنسان أن يغلط فيضع في المقاييس المركبة مقدمات متناقضة- مثل أن يسلم لنا أن كل طب علم وكل علم ظن من غير أن يصرح باللازم عن ذلك، وهو قولنا كل طب ظن، ثم يسلم لنا مقدمة ثانية، وهي قولنا ولا شيء من الطب ظن، فيكون قد سلم لنا في هذه المقدمات الثلاث مقدمتين متقابلتين، وهو أن كل طب ظن ولا شيء من الطب ظن، فيلزم عنه أنه ولا شيء من الطب طب. وأكثر ما يعرض هذا متى سألنا عن لازم والمقابل لا عن المقابل نفسه، فإنه يخفى ويسلم لنا وبخاصة متى كان اللازم بعيدا- مثل أن نسأل عن إيجاب محمول لموضوع فيسلم لنا، ثم عن سلب ذلك المحمول عن جنس ذلك الموضوع أو عن نوعه أو شخصه فيسلم لنا، فيلزم عنه سلب ذلك المحمول بعينه عن جميع ذلك الموضوع الذي أوجب له.

القول في وضع المطلوب الأول نفسه في القياس

وهو الذي يسمى مصادرة
قال: ووضع المطلوب الأول- أعني الذي يقصد بيانه لنفسه لا من أجل غيره- جزءا من القياس المنتج له هو من جنس الأقاويل التي لا يمكن أن يبرهن منها الشيء الذي قصد برهانه. والمطلوب يعرض له أن لا يتبرهن من القول الذي قصد به برهانه على جهات أربع. أحدها أن يكون ذلك القول لا يلزم عنه النتيجة التي قصد به أن تلزم عنه، إما لأنه غير منتج أصلا لشيء من الأشياء وأما لأنه غير منتج للشيء الذي قصد إنتاجه. والجهة الثانية أن تكون المقدمات أخفى من النتيجة، فإن من شرط المقدمات أن تكون أعرف من النتيجة. والجهة الثالثة أن تكون المقدمات والنتيجة في مرتبة واحدة من الخفاء. والجهة الرابعة أن تكون النتيجة هي السبب في معرفة المقدمات، فإن من شرط المقدمات أن تكون أعرف من النتيجة وأن تكون هي السبب في معرفتها. وبهذا ينفصل هذا القسم من القسم الثاني. وإذا تقرر هذا فليس وضع المطلوب الأول جزء قياسه- وهو الذي يسمى المصادرة- هو القول الذي لا يبرهن به المطلوب، إذ كان هذا يقال على جهات، بل القول الذي لا يتبرهن به المطلوب أحرى أن يجري منه مجرى الجنس.

اسم الکتاب : القياس المؤلف : ابن رشد الحفيد    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست