responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجماهر في معرفة الجواهر المؤلف : البيروني    الجزء : 1  صفحة : 76
وقال آخر -
والنيل يجرى فوق رضر ... اض من الجزع الضفارى
وهما عنيا الجزع اليماني وأضافاه إلى ضفار بلدة باليمن كانت التبابعة تنزلها - وكان قد وفد على بعضهم وافد وهو مستشرف فاشار عليه بالجلوس وقال له بالحميرية، ثب اي اقعد - فظن الأامور انه يأمره بالوثوب ففعل وتردى إلى اسفل فهلك - وعند ذلك قيل، من دخل ظفار حمر بل لو قيل من ملك ظفار فتفنن فخاطب كل أنسان بما بعرف كان أصوب - وكان أحد ملوك حمير مقعدا مسقاما يلزم الفراش فلقب من هذه اللفظة موثبان وقيل في توائم ان معناه الازدواج اثنين أثنين لان الدر لا يروق إلا مزدوجا ويجوزان ان يكون مهناه بالتشابه بالتساوي حتى لا يتقارب في العظم والصغر وسائر الأحوال - إلا ترى أن الأولى والثانية إذا تساويا ثم ساوت الثانية الثالثة وكذلك إلى آخرها تكون متساوية - ولو كان ما حكى من تشاؤم ملوك اليمن صدقا لازداد على طول الأيام ولاشتهر في العوام فتأسوا بهم وتخلقوا بأخلاقهم ونحن نرى شعرائهم يصفون الجزع فلا يتحرجون عن ذكره ولا يتطيرون به - وهذا امرؤ القيس من أبناء ملوك كندة يقول -
كأن عيون الوحش حول بيوتنا ... وارحلنا الجزع الذي لم يثقب
قد شبه عيون الوحش فى ظهور بياضها المحدق بسوادها الذي لا يبدو من أعينها إلا بتقليب مقلها وانقلابها بالنزع أو الموت بالجزع لا يغادر منها شيئا سوى الثقب فان المقل ليست بمثقوبة - وقيل، أن الذي يعمل الخرز منه فهو أرداه وأميله إلى السواد وإذا عمل منه يثقب فيه فكأنه يشير من النوعين إلى أشرفهما - ويجوز ان يكون معناه أن عيون الوحش المشابهة للجزع ليست تنتظم فى القلائد وإنما تقع باتفاق متفرقة كالخرز التى لم ينظمها سلك لعدم الثقب وقال أبو احمد العسكرى، إلايغال فى الشعر أن يأتي الشاعر بمعنى ويستوفيها قبل بلوغ القافية تم يعطف عليه فى القافية فيزيدها في تجويده كعطفه فى قوله، الذي لم يثقب - فانه أراد في قول المعنى الكامل قبله حسنا كصفاء الجزع غير المثقوب - وقال أيضا -
وأوفى لنا موفى فجاء مبشرا ... يقول إلا أطعمتم خير مطعم
رأيت ثلاثا راتعين بقفرة ... فرائد كالجزع الذي لم ينظم
وقد عبر عن ذلك البياض حول السواد بعضهم في قوله:
لنا قيمة ترنو بناظرتين ... كدرات جزع فوق لؤلؤتين
إلا انه أضاف بياض الملتحم إلى اللؤلؤتين فكانت زرقا فاكتفى فيها من الجزع بسواد ثقبة أنسان وما بقى من الحدقة فلسواد الجزع - بل قال الصنوبرى وهو يغزل بمعشوقه:
الجزع والياقوت والدر ... عيناك والخدان والثغر
وقال لبيد في أخيه اربد:
وكان إمامنا ولنا نظاما ... وكان الجزع يحفظ بالنظام
وقال الفرزدق:
وفينا من المعزى تلاد كأنها ... ظفارية الجزع الذي فى الترائب
وقال امرؤ القيس:
فأدبرن كالجزع المفصل بينه ... بجيد مهمم فى العشيرة مخول
يعنى جيد صبى مترف ذى أولياء وان كان يتيما والمفصل بفواصل من غير جنسها وكأنها في البقر أولادها فيما بينهم - وقال عبد عمرو الطائي:
فأدبرن كالجزع المفصل بينه ... بجيد الغلام ذى الجديل المطوق
وقال أبو الطمحان:
أضاءت لهم احسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

اسم الکتاب : الجماهر في معرفة الجواهر المؤلف : البيروني    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست