اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 98
«المعنى» هو «ما يُقصَد بشيء» ، و «معنى الكلام» فحواه ومضمونه وما يدل عليه القول أو اللفظ أو الرمز أو الإشارة. ومن هنا تُستخدَم عبارة «معنى الوجود» أو «معنى الحياة» ، أي أن الوجود له هدف وغاية (باليونانية: تيلوس) ، و «الغائية» هي الإيمان بأن العالم له معنى وغاية (وعكسها هو «العدمية» ) ، وهذا ما تفترضه الديانات التوحيدية ("ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك" آل عمران 191) فإن كان للوجود معنى، فحياة كل إنسان لها معنى، ولا يمكن تصوُّر معنى لعالم تسود فيه الصدفة، وتتم عملية خلقه بالصدفة المحضة، أو تكون حركته حركة مادية آلية مثل حركات الذرة. فإذا كانت حركة الإنسان هي نفسها حركة المادة، وكانت حركة المادة حتمية وتتم خارج وعي الإنسان وخارج أية غائية إنسانية، فإن كل ما يحدث سيحدث، ولا يمكن أن تنطبق عليه معايير خارجة عنه، أي أن كل الأمور تصبح نسبية بل حتمية وتتم تسوية الإنسان بالأشياء. والعلم الطبيعي الذي يتعامل مع الأشياء أو مع الإنسان بمنطق الأشياء ينتج معرفة منفصلة عن القيم الأخلاقية، بل إن تَقدُّم العلم مرتبط تمام الارتباط بانفصاله عن القيمة والغائية (إلى أن تنفصل النزعة التجريبية عن النزعة العقلانية تماماً) . ومن هنا التمييز بين «المعنوي» و «المادي» ، فالمعنوي مرتبط بالهدف والغاية وهما يتجاوزان المادة، أما المادي فلا هدف له ولا غاية. ونلاحِظ أنه في الحضارات المادية (سواء الوثنية القديمة أو العلمانية الحديثة) التي تعلي شأن المادة وترى أسبقيتها على الإنسان، أي ترى أسبقية المادي على المعنوي، يظهر ما يُسمَّى «أزمة المعنى» التي يعبَّر عنها بتعبيرات مثل «الاغتراب» أو «اللامعيارية (الأنومي) » و «التشيؤ» و «التسلع» وغيرها. ويعبِّر الأدب الحداثي عن أزمة المعنى التي يواجهها الإنسان الغربي.
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 98