اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 326
ووسط هذا الصخب شبه المعرفي لم يُكلِّف أحد نفسه مشقة النظر في أبعاد الواقع الأخرى المُركَّبة التي تتجاوز الاستنتاجات العقلية والمنطقية النظرية أو عناء التساؤل بشأن الأطروحات والفرضيات التي استندوا إليها. ولم يُشر أحد إلى أن يهود الاتحاد السوفيتي تعرضوا للدعاية الإلحادية لمدة سبعين عاماً وفقدوا علاقتهم بأية عقيدة أو مُثُل، فهم لا يحنون إلى أي أرض إلا أرض السمن والعسل، تلك التي تحقِّق لهم دخلاً عالياً يفوق ما يحققونه في أماكن إقامتهم (إذ يَصعُب أن نطلق عليها أوطانهم) . ولم يُبيِّن أحد أن هؤلاء المهاجرين السوفييت هم في واقع الأمر مرتزقة يأكلون الأخضر واليابس ولا علاقة لهم بأية مثاليات صهيونية أو غير صهيونية ولذا تُقدِّم لهم الدولة الصهيونية الرشاوى السخية، وهم قد يضطرون إلى الذهاب إلى إسرائيل (بسبب إغلاق أبواب الولايات المتحدة) فيصبحون عنصر تدمير فيها، وربما لا يجد كثير من المؤهلين منهم عملاً مناسباً وهو ما قد يضطرهم إلى العمل في السوق السوداء والحرَف الطفيلية. وحينما يحمل هؤلاء المرتزقة السلاح فإنهم لن يحملوه إلا بأجر، وهم سيجلسون على حقائبهم حتى تتاح لهم فرصة الهروب إلى أرض الميعاد الأمريكية. ولم يُكلِّف أحد نفسه عناء النظر في استجابة العناصر الدينية والشرقية لدى هؤلاء المهاجرين اللادينيين الأوربيين. بل لم يُكلِّف أحد نفسه مشقة النظر في آخر إحصاءات يهود الاتحاد السوفيتي التي تقول إن عددهم قبل ازدياد عمليات الهجرة لا يمكن أن يزيد على مليون وربع (أي أن الموضوعية الاختزالية المتلقية في هذه الحالة أسقطت أبسط قواعد الموضوعية، فقد بلغت بها مقدرتها على التلقي أن تُصدِّق كل ما يُقال لها دون اختبار!) . ولم يثر أحد قضية أن الهدف من التصريحات الصهيونية المليونية وهذا التضخيم للأعداد الوافدة يخدم مصالح معينة، وهو تعبير عن الرغبة في زيادة حجم الدعم الأمريكي وتدفُّق الأموال اليهودية. كما أن
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 326