اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 230
ويمكن أن يتجاوز النموذج الزمان ولكن يمكنه أيضاً أن يُقدِّم تصوراً للزمان لا باعتباره أحداثاً متتالية متراصة صلبة، وإنما باعتباره أحداثاً واقعة وإمكانات كامنة، وباعتبارها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً تفصلها ثغرات وانقطاعات تشكل مجال الحرية الإنسانية. ولذا، يسمح النموذج لمن يستخدمه برصد الماضي والحاضر والمستقبل ما هو ظاهر وما هو باطن وما هو قائم وما هو ممكن.
ويمكن القول بأن النماذج التفسيرية يمكن أن تكون قانوناً عاماً أو نظرية كلية صارمة تُفسِّر الظواهر الطبيعية، ولكن بوسعها أن تبتعد عن فكرة القانون العام أو النظرية الكلية التي تحاول أن تشرح كل شيء، ومن ثم تصبح أقرب إلى الفرض العلمي، ولكنه فرض لن تتم البرهنة عليه أو تفنيده، بل هو فرض دائم ـ إن صح التعبير ـ يُستخدَم لدراسة بعض جوانب الواقع والأنماط المتكررة فيه. والنماذج التفسيرية التي تُستخدَم لتفسير ظاهر الإنسان تُشبه الصور المجازية من بعض الوجوه في وظيفتها الإدراكية والتفسيرية. فالصورة المجازية، مثل النموذج التفسيري، جزء من العملية الإدراكية ومن نسيج لغة البشر (وليست مجرد زخرفة تضاف هنا وهناك) . ويلجأ الإنسان للتعبير المجازي ليكتشف علاقة غامضة مركبة في الواقع أو عناصر لا محدودة لا يمكنه الإمساك بها، ومع هذا فهو يشعر بوجودها من خلال تجلياتها المادية المُتقطِّعة التي لا تتبع نمطاً واضحاً (علاقات: الجزء الملموس بالكل المُتصوَّر ـ الإنسان بالإله ـ المعلوم بالمجهول ـ المحدود بغير المحدود ـ النسبي بالمطلق ـ الماضي بالمستقبل) ، أو يلجأ للتعبير عن أحاسيس عميقة يشعر المرء أن اللغة النثرية المعتادة لا تكفي للإفصاح عنها (تماماً مثل الرصد المتلقي المباشر في حالة الظواهر المركبة) فيصوغ صورة مجازية هي في جوهرها ربط للمعروف بغير المعروف واكتشاف للعناصر الرئيسية في الواقع وإبرازها، وهذه هي أيضاً طريقة النموذج في الرصد والتفسير.
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 230