اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 137
والشيء نفسه ينطبق على المعايير الجمالية، فالشعور والإحساس بالجمال وكل الأحاسيس الإنسانية يمكن فهمها بردها إلى المبدأ الطبيعي/المادي الواحد، فهي مجرد تعبير عن شيء مادي يُوجَد في الواقع المادي. والمادة تسبق التاريخ، ولذلك فإن كل تَطوُّر (اجتماعي وتاريخي) يتوقف على الظروف المادية والاقتصادية (على سبيل المثال: تَطوُّر أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج والمصلحة الاقتصادية) . وأسلوب الإنتاج في الحياة المادية هو شرط تَطوُّر الحياة الاجتماعية والسياسية والعقلية على العموم. بل إن المشاعر الإنسانية الكونية الأولية مثل مشاعر الأبوة والأمومة والرغبة في الاطمئنان والائتناس بالآخر، ومظاهر النبل والخساسة، كلها أمور مادية. وكما يقول الماديون، فإن البناء الفوقي (الفكري والعقلي والنفسي) يُردُّ، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، إلى المادة، وما لا يُردُّ إلى المادة لا وجود له، وقبول وجوده هو سقوط في الميتافيزيقا والغيبية والجهالة.
وهذه هي نقطة انطلاق الحداثة المادية الغربية والفلسفات العلمانية الشاملة، وهي فلسفات حلولية كمونية واحدية مادية تَردُّ كل شيء إلى الطبيعة/المادة وتنكر وجود قانونين أحدهما يسري على الطبيعة/المادة ويسري الآخر على الطبيعة البشرية. وبدلاً من ذلك، تؤكد هذه الفلسفات وجود قانون طبيعي واحد يسري على كل الظواهر ليتساوى، في ذلك، الإنسان والأشياء (وهذا هو أساس فكرة وحدة أو واحدية العلوم) . ولذا، فالنتيجة المنطقية للفلسفات العلمانية المادية الشاملة حينما تُطبَّق على الإنسان بصرامة هي تفكيكه ورده إلى القوانين الطبيعية/المادية والإحاطة به ككائن لا استقلال له عن النظام الطبيعي/المادي.
الإنسان الطبيعى) المادى (
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 137