اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 134
«المادية» هي المصدر الصناعي من كلمة «المادة» ، وهي لا علاقة لها بجمع المال أو بالإقبال على الدنيا كما قد يتوهم البعض. ويمكن للإنسان المادي المغالى في ماديته أن يكون زاهداً تماماً في النقود والدنيا (كما هو الحال مع إنجلز وإسبينوزا) . ويمكن القول بأن كل الفلسفات إما مادية أو غير مادية، ولا يمكن تجزيء هاتين المقولتين إلى ما هو أصغر منهما. والفلسفة المادية هي المذهب الفلسفي الذي لا يقبل سوى المادة باعتبارها الشرط الوحيد للحياة (الطبيعية والبشرية) ، ومن ثم فهي ترفض الإله كشرط من شروط الحياة، كما أنها ترفض الإنسان نفسه، وأي منظومات فكرية أو قيمية متجاوزة للمادة. ولذا، فإن الفلسفة المادية تَرُدُّ كل شيء في العالم (الإنسان والطبيعة) إلى مبدأ مادي واحد هو القوة الدافعة للمادة والسارية في الأجسام والكامنة فيها والتي تتخلل ثناياها وتضبط وجودها. قوة لا تتجزأ ولا يتجاوزها شيء ولا يعلو عليها أحد، وهي النظام الضروري والكلي للأشياء؛ نظام ليس فوق الطبيعة وحسب ولكنه فوق الإنسان أيضاً. وإن دخل عنصر غير مادي على هذا المبدأ الواحد، فإن الفلسفة تصبح غير مادية.
وكلمة «مادة» قد تبدو لأول وهلة وكأنها كلمة واضحة، ولكن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك. ومع هذا، يمكن تعريف الشيء المادي تعريفاً إجرائياً بأنه ذلك الشيء الذي تكون سائر صفاته مادية: حجمه ـ كثافته ـ كتلته ـ لونه ـ سرعته ـ صلابته ـ كمية الشحنة الكهربائية التي يحملها ـ سرعة دورانه ـ درجة حرارته ـ مكان الجسم في الزمان والمكان ... إلخ. والصفات المادية هي الصفات التي يتعامل معها علم الطبيعة (الفيزياء) ، فالمادة ليست لها أية سمة من سمات العقل: الغاية ـ الوعي ـ القصد ـ الرغبة ـ الأغراض والأهداف ـ الاتجاه ـ الذكاء ـ الإرادة ـ المحاولة ـ الإدراك ... إلخ، أي أن المادي ليس له أية سمة من السمات التي تُميِّز الإنسان كإنسان.
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 134