اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 131
وتعبِّر الحالة الجنينية عن نفسها في كثير من النماذج المعرفية عبر العصور مثل الغنوصية، والنماذج الاختزالية التي ترد العالم إلى عنصر واحد أو اثنين، ولعل من أهمها نموذج العلمانية الشاملة الذي يمثل انتصاراً للحالة الجنينية (فالإنسان الطبيعي/المادي هو تجسُّد للحالة الجنينية) . ويمكن القول بأن كثيراً من النزعات المرتبطة بالعلمانية الشاملة مثل النزعة التعاقدية والرغبة في التحكم التكنولوجي والحلم باليوتوبيا التكنولوجية ونهاية التاريخ والإيمان بوحدة (أي واحدية) العلوم بحيث يسري قانون واحد طبيعي/مادي على كل من الإنسان والحيوان والجماد، هي جميعاً تعبير عن النزعة الجنينية.
وإذا كانت الفلسفة الهيجيلية بواحديتها وعضويتها هي تعبير عن الحالة الجنينية في حالة الصلابة الأولى فإن فلسفة نيتشه هي تعبير عن حالة السيولة. وما بعد الحداثة هو انتصار حالة الجنينية الواحدية السائلة. فحديث دريدا عن عالم بلا إشارات، عالم برئ من الصيرورة الكاملة، عالم لا مركز له non logo-centric، هو وصف لعالم الحالة الجنينية في حالة السيولة الشاملة. وإذا كان النظام الاستعماري القديم تعبيراً عن النزعة الجنينية الغربية في مرحلة الصلابة، فإن النظام العالمي الجديد تعبير عنها في مرحلة السيولة. ونحن نذهب إلى أن الإنسان تتنازعه نزعتان كامنتان فيه: النزعة الجنينية والنزعة الربانية.
الطبيعة / المادة
«الطبيعة/المادة» مصطلح نستخدمه كثيراً في هذه الموسوعة بدلاً من مصطلح «الطبيعة» . ومفهوم الطبيعة مفهوم أساسي في الفلسفات المادية التي تدور في إطار المرجعية الكامنة، وخصوصاً في الغرب، فكلمة «طبيعة» داخل السياق الفلسفي الغربي لا تشير إلى الأحجار والأشجار والسحب والقمر والتلقائية والحرية، وإنما هي كيان يتسم ببعض الصفات الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 131