responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 120
والإنسان هو النوع الوحيد الذي يتميَّز كل فرد فيه بخصوصيات لا يمكن محوها أو تجاهلها. فالأفراد ليسوا نسخاً متطابقة يمكن صبها في قوالب جاهزة وإخضاعها جميعاً لنفس القوالب التفسيرية، فكل فرد وجود غير مكتمل، مشروع يتحقق في المستقبل واستمرار للماضي، ولذا فإن زمن الإنسان هو زمن العقل والإبداع والتغيير والمأساة والملهاة والسقوط، وهو المجال الذي يرتكب فيه الإنسان الخطيئة والذنوب، وهو أيضاً المجال الذي يمكنه فيه التوبة والعودة، وهو المجال الذي يُعبِّر فيه عن نبله وخساسته وطهره وبهيميته. فالزمان الإنساني ليس مثل الزمان الحيواني أو الطبيعي/المادي الخاضع لدورات الطبيعة الرتيبة، زمان التكرار والدوائر التي لا تنتهي و"العود الأبدي". ولكل هذا، فإن ممارسات الإنسان ليست انعكاساً بسيطاً أو مركباً لقوانين الطبيعة/المادة، فهو مختلف كيفياً وجوهرياً عنها، فهو ظاهرة متعددة الأبعاد وتبلغ الغاية في التركيب ولا يمكن اختزاله إلى بُعد واحد من أبعاده أو وظيفة واحدة من وظائفه البيولوجية أو حتى إلى كل هذه الوظائف.
ومن المظاهر الأخرى لهذا الجانب أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يطرح تساؤلات عما يُسمَّى «العلل الأولى» (من أين جئنا؟ وأين سينتهي بنا المطاف؟ وما الهدف من وجودنا؟) . وهو لا يكتفي أبداً بما هو كائن وما هو مُعطَى ولا يرضى بسطح الأشياء؛ فهو دائب النظر والتدبر والبحث، يغوص وراء الظواهر ليصل للمعاني الكلية الكامنة وراءها والتي ينسبها إليها، وهو الكائن الوحيد الذي يبحث عن الغرض من وجوده في الكون. وهذه جميعاً تساؤلات تجد أصلها في البنية النفسية والعقلية للكائن البشري (النزعة الربانية) ، ولذا سُمِّي الإنسان «الحيوان الميتافيزيقي» .

اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست