responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 118
يتسم الوجود الإنساني ـ في تصوُّرنا ـ بثنائية أساسية لا يمكن إلغاؤها هي صدى للثنائية الحاكمة الكبرى، ثنائية الخالق والمخلوق. وهي ثنائية الجوانب الطبيعية/المادية في الإنسان مقابل الجوانب غير المادية، أي الروحية أو الثقافية أو المعنوية. فالإله، في تصوُّرنا، خلق العالم (الإنسان والطبيعة) ولم يحل فيه. ونتج عن هذا وجود مسافة بين الخالق ومخلوقاته، هذه المسافة هي في واقع الأمر الحيز الإنساني الذي يتحرك فيه الإنسان حراً مسئولاً ولكن داخل حدود، وهو الحيز الذي يُحقِّق (أو يُجهض) فيه جوهره الإنساني. والمسافة هي أيضاً الحيز الطبيعي، الذي يتحرك فيه الإنسان باحترام وحذر (فهو ليس مركز الطبيعة، لأن الإله هو مركز الكون الذي وضعه في المركز واستخلفه في الأرض، وهو ليس سيد الطبيعة، لأن الله هو مالكها الذي استأمنه عليها) . ولذا فإن ثمة احتياجات طبيعية/مادية، مثل حاجة البشر إلى الطعام والهواء والنوم والتناسل وتلبية كل ما يتعلق بتركيبهم العضوي (بغض النظر عن أماكن إقامتهم أو نمط الحضارة الذي ينتمون إليه) . فالإنسان هنا هو موجود طبيعي مادي يشارك بقية الكائنات في بعض الصفات. فمن حيث هو جسم، يخضع الإنسان للقوانين الطبيعية وضرورات الحياة العضوية، إذ تسري عليه، وعلى بقية الكائنات، مجموعة من الآليات والحتميات ويدور في إطار المثيرات والاستجابات العصبية المباشرة. فهو في هذا الجانب من وجوده، جزء عضوي لا يتجزأ من عالم الطبيعة/المادة، ليس له حدود مستقلة عن حدود الكائنات الأخرى، يتحرك في الحيز الطبيعي في عالم واحدي لا يمكن تجاوزه. ولذا يمكن رصد هذا الجانب من وجوده من خلال النماذج المُستمَدة من العلوم الطبيعية. (والفلسفات المادية، منطلقةً من مرجعيتها المادية وإيمانها بأسبقية الطبيعة/المادة على الإنسان، تركز على هذا الجانب من الوجود الإنساني وترد كل جوانبه الأخرى إليه) .

اسم الکتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية المؤلف : المسيري، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست