responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 45
فمن ناحية الدين المنزل شوهته بفصل العقيدة عن الشريعة وتقديمه للناس عقيدة صرفًا بلا تشريع أي: مسخًا مشوهًا لا يمثل دين الله الحقيقي ... ثم ادعت للناس أن هذا هو الدين! وزرعت في عقول الناس تصورا خاطئًا بأن الدين علاقة خاصة بين العبد والرب، محلها القلب، ولا علاقة له بواقع الأرض ... فسهلت على الشياطين -فيما بعد- اقتلاع آثاره من واقع الحياة؛ لأنه لم يكن عميق الجذور في واقع الحياة! "[1].
ومن ناحية الواقع أسهمت في إفساد الأرض بتعطيل شريعة الله، والسماح للجاهلية الرومانية أن تحكم العالم المسيحي -في صورة قوانين وتنظيمات- ومنعت الإصلاح الذي أراده الله للناس حين نزل عليهم الدين، فنشأت عن ذلك مظالم سياسية واقتصادية واجتماعية تمثلت في نظام الإقطاع الذي ساد العالم الأوروبي -في ظل الكنيسة- أكثر من عشرة قرون! وسهل على الشياطين -فيما بعد- اقتلاع آثار الدين وتحطيمه باسم الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي!
فضلًا عما أثارته من المنازعات مع الأباطرة والملوك، مما أدى بهم -فيما بعد- إلى الانسلاخ من سلطان الكنيسة الذي يحمل عنوان الدين بالحق أو بالباطل، وتعميق مفهوم الفصل بين الدين والسياسة الذي كان قائمًا من قبل بالفعل بتعطيل شريعة الله، ليصبح عداء كاملًا بين الدين والسياسة في أي صورة من صور السياسة وأي صورة من صور الدين!
يروي التاريخ الكثير عن قصة النزاع بين الكنيسة وبين الأباطرة والملوك.
أصدر البابا "نقولا الأول" بيانا قال فيه:
"إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها. وإن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل، ولذلك فإن الباب ممثل الله على ظهر الأرض يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين، حكامًا كانوا أو محكومين"[2].
وفي القرون الوسطى مارست الكنيسة ذلك السلطان بالفعل على الحكام والمحكومين، مع وجود فترات من الصراع المتبادل، حيث يتمرد بعض الملوك

[1] سنتحدث عن ذلك في التمهيد الثاني "دور اليهود في إفساد أوروبا".
[2] قصة الحضارة لول ديورانت ج14 ص352.
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست