responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 317
وهل حدث خلاف ألوف الملايين من السنين أن خرجت قطعة من المادة فسودت نفسها أو زعمت لنفسها سيادة على بقية المادة المتفقة معها في جوهرها وأعراضها؟
أم لا بد بداهة أن تكون قطعة المادة التي سودت نفسها أو منحت السيادة على بقية المادة, متميزة في تركيبها عن بقية المادة وزائدة عنها بنوع من الزيادة أيا كان؟
فإذا كان ذلك كذلك فكيف تكون قوانين المادة العادية منطبقة بحذافيرها على قطعة المادة التي تميزت عنها في تكريبها وزادت عليها زيادات؟
أليست الزيادة التي اقتضت التميز والسيادة -أيا كان نوعها- تقتضي أن يكون لها معاييرها الخاصة وقوانينها الخاصة؟
وهل يكفي أن يقول الإنسان بلسانه -كما يقول التفسير المادي للتاريخ- إن الإنسان هو أعلى "تطور" حدث في عالم المادة، إذا كان سيعود فيلغي هذا "التطور" ويعامل الإنسان بقانون المادة البحت بلا تغيير؟
ما قيمة التطور إذن -إذا سلمنا جدلا بأن الإنسان مادة متطورة- بل ما قيمة "أعلى درجات التطور" إذا كنا سنعود فنعامل المادة المتطورة بقوانين المادة غير المتطورة؟
وما هذه الحيرة والبلبلة: مرة نعامل الإنسان على أنه أعلى درجات التطور في عالم المادة، ومرة نعامله بقوانين الطين مجردة عن كل زيادة. أم هذا هو "الإنسان الطيني" الذي يصفه ويتكلم عنه التفسير المادي للتاريخ!
انطباق قوانين المادة الجامدة على الإنسان أسطورة "علمية" غير مسبوقة في تاريخ الفكر البشري، تسجل "براءة" اختراعها والحق يقال للماديين الشيوعيين، وإن كانت لا تحمل "براءة" على الإطلاق!
إنها مجرد هراء يتلبس بزي علمي مزيف، لا يمكن تفسيره إلا إذا أخرجناه تماما من دائرة العلم, ونظرنا إليه من زاوية الهدف المقصود منه كما أسلفنا من قبل ونحن نتحدث عن التفسير المادي للخالق.
والمقصود -من ناحية- هو مسخ الإنسان وتشويهه والهبوط به إلى الدرك الأسفل -أسفل درك يمكن أن يصل إليه- ليتحقق المخطط الكبير، مخطط استحمار الأمميين لحساب الشعب المختار.

اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 317
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست