responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 290
ولكنهم كانوا أضعف من أن ينالوا شيئا من الإقطاعيين المحصنيين بقلاعهم المزودين بجيوش تحميهم، كما أنه لم يكن للفلاحين تجمع ذو هدف محدد يخوض معركة منظمة ضد الإقطاعيين، لذلك باءت ثوراتهم بالإخفاق، ولكن من خلال التطور المادي والاقتصادي أخذ الإقطاع ينهار لتحل محله الرأسمالية.
نشأت الرأسمالية "التي يسميها الشيوعيون البرجوازية لنشأتها في المدينة Bourjois نتيجة عدة عوامل أهمها اختراع الآلة التي أخذت تحل بالتدريج محل الإنتاج اليدوي، كما اتسعت الكشوف الجغرافية وزاد حجم التجارة الأوروبية"[1]، كما أن ظاهرة العمل المأجور -أي: تأجير العامل جهد يده من أجل الحصول على مطالب الحياة- كانت قد بدأت توجد في المدن وإن كان حجمها في بادئ الأمر لم يكن كافيا لتشغيل الحركة الصناعية الناشئة فقامت الثورة التي أدت إلى تحطيم الإقطاع.
يقول سيجال في كتاب: "لمحة عن تطور المجتمع منذ بدء التاريخ" "ص33 من الترجمة العربية":
"وهكذا نرى أن الإقطاعية التي كات متوافقة عند نشأتها مع مستوى القوى المنتجة في المجتمع صارت متناقضة مع القوى المنتجة المتنامية، وصار إلغاؤها ضرورة تاريخية".
وفي ظل الرأسمالية حدث تقدم عظيم في مجالات كثيرة منها المجال العلمي والمجال التكنولوجي؛ لأن الرأسمالية تسعى دائما لزيادة الإنتاج من أجل الربح. كما نشأ تنظيم جديد للعمل يتعاون فيه مجموعة كبيرة من الناس في العمل الواحد بدلا من العمل الفردي، ونشأ تحسين للطرق والمواصلات من أجل تصريف الإنتاج الصناعي في داخل البلاد وخارجها، كما كان الاستعمار وسيلة للحصول على موارد رخيصة ومجالا لتصريف فائض الإنتاج، ونشأت

[1] نحن هنا -كما سبقت الإشارة- نعرض الأفكار ولا نناقشها، ولكن لا بد لنا هنا من تعليق بمناسبة الكشوف الجغرافية وزيادة حجم التجارة الأوروبية يغفله المؤرخون الأوروبيون عامدين، ويستغل إغفالهم ذلك كل الذين يحبون طمس العنصر الديني وآثاره في التاريخ البشري، فإن الحقيقة أن الحروب الصليبية الحديثة التي بدأت بعد طرد المسيحيين للمسلمين من الأندلس، وملاحقتهم لمحاولة القضاء عليهم فيما وراء الأندلس، كانت هي السبب الحقيقي للكشوف الجغرافية، وأشهر مثال على ذلك أن فاسكوداجاما -الذي كشف لأوروبا طريق رأس الرجاء الصالح- قال عند وصوله إلى جزر الهند الشرقية "الآن طوقنا رقبة الإسلام ولم يبق إلا جذب الحبل ليختنق فيموت" وقد كان الاستعمار الصليبي لبلاد الإسلام أهم العوامل في تنشيط التجارة الأوروبية وإتاحة الفرصة للرأسمالية النامية لتستكمل نموها الظالم الجبار.
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست