responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 23
الخبير الذي يعلم حقيقة النفس البشرية التي خلقها {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [1] ويعلم ما يصلحها وما يصلح لها، وهو سبحانه عالم الغيب والشهادة الذي لا يند عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، والذي يحيط علمه بالماضي والحاضر والمستقبل في كل لحظة من لحظات هذا الوجود كله، فينزل التشريعات التي يعلم -سبحانه- أنه يتحقق منها الخير ولا يقع منها الشر، والتي تكون في كل لحظة مناسبة لما نزلت من أجله.
والتوحيد يشمل ذلك كله.. يشمل العقيدة التي تستقيم بها النفس، والشريعة التي تستقيم بها الحياة.
إذ التوحيد -الذي يقوم عليه الدين المنزل من عند الله- هو توحيد الله في ذاته وتوحيده في صفاته وأفعاله. ومن صفاته التي ينفرد بها -سبحانه- أنه صاحب الخلق وصاحب الأمر كما مر بنا في آية الأعراف:
{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [2].
وأن الحكم -أي: الحاكمية- له وحده في كل شيء.
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [3].
أما الشرك -المقابل للتوحيد- فهو يقع إما في العبادة -بمعنى التوجه لغير الله بالشعائر التعبدية مع الله أو من دون الله -وإما في الاتباع- بمعنى التحريم والتحليل والمنع والإباحة من دون الله وبغير إذن من الله- أو فيهما جميعا كما في آية النحل:
{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} [4].
والتوحيد هو الذي يصلح الأرض، والشرك هو الذي يحدث الفساد الذي ينهى الله عباده عنه:
{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [5].

[1] سورة الملك: 14.
[2] سورة الأعراف: 54.
[3] سورة يوسف: 40.
[4] سورة النحل: 35.
[5] سورة الأعراف: 56.
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست