responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 243
وجدوا مِنْهَا شَيْئا حَتَّى يَزْهَدُوا فِيهَا وَيرغبُوا عَنْهَا؟ وَهل وجد الْفَقِير مَا يُقيم بِهِ صلبه ويسد بِهِ جوعه تَدعُوهُ إِلَى الإقلال من مَتَاع الدُّنْيَا والبعد عَن زخارفها؟؟
وَمثل هَذَا تَمامًا الَّذين يَتَكَلَّمُونَ عَن المزدكية والمانوية[1]، وينسون الشيوعية والقاديانية والبهائية، فَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ إحْيَاء الْمَوْتَى بعد أَن مَضَت تِلْكَ المعجزة، وَمضى صَاحبهَا عَلَيْهِ السَّلَام؛ إِن المزدكية والمانوية وأمثالهما مَذَاهِب درست وَكَذَلِكَ الجبرية والمعتزلة والمرجئة وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ على شاكلتها فلسفات نفقت، وَلم يعد لَهَا فِي عَالم النَّاس إِلَّا هَذِه الْآثَار الَّتِي ضمتها الْكتب الْقَدِيمَة بَين صفحاتها كَمَا يضم التابوت رفاتا قد جيف وأنتن، وَالنَّاس لَا يجنون من وَرَاء نبشه إِلَّا أَن يزكموا بِتِلْكَ الرَّائِحَة الكريهة.
إِن الأولى للدعاة أَلا ينبشوا تِلْكَ الْقُبُور، وَلَا يفتشوا عَن هَذِه الْجِيَف فقد آل أمرهَا إِلَى الله عز وَجل، وَهُوَ - سُبْحَانَهُ - سيتولى حِسَابهَا عَمَّا قدمت من خير أَو شَرّ.
وَلَيْسَ معنى هَذَا أَن نسكت عَنْهَا لَو حاولت الظُّهُور فِي أَي شكل من الأشكال، كَمَا حاولت المزدكية الظُّهُور فِي صُورَة الشيوعية، وكما حاولت الْمُعْتَزلَة أَن تَأْخُذ شكل العقلانية؛ فعلى الدعاة حِينَئِذٍ أَن يتصدوا لَهَا قبل أَن تنفض التُّرَاب عَن وَجههَا، وَأَن يعمقوا لَهَا قبرها قبل أَن تنهض على قدميها، وَلَا يكون ذَلِك بالسب والإقذاع واللوم والتعنيف، فَتلك طَريقَة المفلسين، وشأن السُّفَهَاء والعاجزين، وَإِنَّمَا يكون بالتحقيق العلمي الرصين الَّذِي يكْشف بُطْلَانهَا، وَيرد شبهاتها، ويفضح زيفها.
إِن الشيوعية والقاديانية والبهائية مَذَاهِب تعيش فِي رُؤُوس فريق من النَّاس مولعين بهَا يعْملُونَ على نشرها، ويجهدون فِي التبشير بهَا، حَتَّى دخلت كل بَيت، وغزت أَكثر الْقُلُوب، وَهَذِه الْمذَاهب وَإِن لم يُؤمن النَّاس كعقيدة إِلَّا أَن أفكارها وفلسفتها أَصبَحت تهيمن على عقول كَثِيرَة.
فالشيوعية تنبذ كل الديانَات، وَترى أَنَّهَا وَسِيلَة يستغلها الْأَغْنِيَاء لبسط نفوذهم على الْفُقَرَاء[2].
والقاديانية كرست جهدها فِي وقف حَرَكَة الْجِهَاد الَّتِي أقضت مضاجع المستعمرين، وَالَّتِي هِيَ فَرِيضَة على الْمُسلمين[1].
وَأما البهائية فقد ألغت الصَّلَوَات الْخمس، وأباحت لأتباعها ارْتِكَاب الشَّهَوَات كَيْفَمَا

1هما مذهبان فارسيان قَدِيما، يَقُولَانِ بِأَن الْعَالم مركب من أصلين قديمين أَحدهمَا نور وَالْآخر ظلمَة، وَجعلت المزدكية النَّاس شُرَكَاء فِي المَال وَالنِّسَاء كشركتهم فِي المَاء وَالنَّار والكلأ.
[2] المستجد فِي الْأَدَب مَادَّة شيع.
[1] القاديانية لأبي الْحسن الندوي ص25.
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست