responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين المؤلف : الندوي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 124
لها دعوة في الدنيا والآخرة، وتشاغلوا بها عن علوم واختبارات تسخر لهم قوى الطبيعة ويسخرونها لمصلحة الإسلام، ويبسطون بها سيطرة الإسلام المادية والروحية على العالم كله.
وكذلك اشتغلوا بمباحث الروح وفلسفة الإشراق ومسائل وحدة الوجود، وبذلوا فيها قسطاً كبيراً من أوقاتهم وجهودهم وذكائهم.
أما ما وصل إليه المسلون في العلوم الطبيعية والتجريبية، فإنه وإن كان أرقى من العصور السابقة وأكثر ثروة في العلم والاختبار، إلا أنه لا يتناسب مع فتوحهم الواسعة في دوائر
علمية أخرى، ولا يتلاءم مع المدة الطويلة التي تمتعوا بها في التاريخ، ولم يظهر فيها من النوابغ والعبقريين مثل ما ظهر في موضوعات أخرى.
وإن ما خلفوه من كتب في الطبيعيات والكونيات والتجارب العلمية، وإن ما كانت مما استفادت به أوربا في نهضتنا وأقرت بقيمتها، إلا أنها تتضاءل جداً أمام هذه المكتبة الهائلة الزاخرة التي أنتجتها أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر فقط، فمهما افتخرنا بآثار علماء الأندلس وحكماء الشرق، فإنها لا تعد شيئاً بجانب الإنتاج الغربي الضخم في العلم والحكمة والتجربة والاختبار، لا في الكمية ولا في الكيفية، ولا في الإبداع ولا في الابتكار، ولا في التدقيق العلمي ولا في الإتقان الفني، وإذا أرادت أن تعرف مقدار عناية الشرق الإسلامي بالناحية الروحية ونسبتها إلى الناحية العلمية والتجريبية فقارن بين كتاب الفتوحات المكية للشيخ ابن عربي مثلاً وبين أكبر كتاب في الطبيعيات والحكمة، تر فرقاً هائلاً في ضخامة المادة والعناية بالموضوع والجهاد في سبيله، وبذلك تعرف ذوق الشرق الغالب عليه.

الضلالات والبدع:
وكاد يحجب توحيد الإسلام النقي حُجُبٌ من الشرك والجهل والضلالة، وطرأت على النظام الديني بدع شغلت مكاناً واسعاً من حياة المسلمين وشغلتهم عن الدين الصحيح، وعن الدنيا وميزة المسلمين بين أمم الأرض وفضلهم إنما هو من هذا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وميزة هذا الدين وإعجازه في صحته وحفظه، لأنه يمتاز بأنه وحي الله وشريعته ووضعه المعجز وشرعه الحكيم {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فإذا عملت فيه عقول الناس ودخلت فيه أعمال الناس وأهواؤهم لم يكن له على الأديان التي حرفها أهلها، والنظم التي نسجتها أيدي

اسم الکتاب : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين المؤلف : الندوي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست