عواطفها الرعناء، لا من عقولها الواعية، ثم يسوقونها ليحققوا مآربها الخاصة عن طريقها وهي غافلة، ويكون مثل هذا النظام في واقع الحال نظاماً ديكتاتورياً بقناع شعبي ديمقراطي.
وعندئذٍ يتشابه في الحقيقة أسفل المنحدر الواقع وراء يمين صراط الإسلام، مع أسفل المنحدر الواقع وراء يسار صراط الإسلام. وتتشابه أعمالهما في الواقع المطبق، أما الديكتاتوري فيقهر إرادة الشعب بسلطان القوة، كاشفاً وجهه الديكتاتوري. وأما الديمقراطي المزور فيقهر إرادة الشعب الحقيقية بسلطان غوغائية الجماهير غير الواعية، وقد وضع على وجهه الديكتاتوري الحقيقي قناعاً من وجه ديمقراطي.
ويرتقي فوق هذا النوع من الحكم في اتجاه القمة الحكم الشعبي الديمقراطي الذي يستبعد من المشاركة في قضايا الحكم وقوانينه ونظمه واختيار الحكام غير الصالحين للمشاركة.
وكلما كانت شروط المشاركة في قضايا الحكم أقرب إلى تحقيق الحق والعدل والمصلحة العامة الدينية والدنيوية، كان النظام أكثر ارتقاءً في الدرجات باتجاه القمة.
ومهما يكن من أمر فما دام حكم الله المنزل في الدين الحق مستبعداً من النظام، فلن يصل نظام ديمقراطي إلى مستوى القمة، مهما صلحت القيود والشروط فيه، التي تستبعد الأهواء والرعونات وغير الصالحين.
لأن الناس سيظلون بعيدين عن مطلوب الحق والعدل، متأثرين بنظراتهم الناقصات، وأهوائهم وشهواتهم ومصالح النخبة المختارة التي استطاعت أن تفوز بثقة جماهير الشعب.
وتشير دراسات علم نفس الجماهير إلى أن عقل الجماهير في معظم الأحوال عقلٌ تبعيٌ إمعيٌ لا يفكر أفرادهم تفكيراً مستقلاً، وأن حركاته التبعية تشبه حركة القطيع من الأغنام، وإن كان فيهم أفراد ممتازون، لو انفردوا أو فرزوا لأعطوا الأفكار السليمة، ولصححوا مسيرة الجماهير بآراء صحيحة.