فالمادية الجدلية: هي المبدأ الاعتقادي الجذري العام الذي اتخذه ماركس والماركسيون أساساً لكل أفكارهم ونظمهم الفرعية، فهي قاعدة الإلحاد، والشيوعية، أو ما يسمى بالاشتراكية العلمية، والحكم الديكتاتوري القائم على ديكتاتورية الطبقة الكادحة، وصراع الطبقات، والداروينية، وغير ذلك من أفكار ونظم يؤمن بها الشيوعيون الماركسيون.
وقد أطلق عليها وصف "المادية" لأن نظرتها مادية صرف، أي: لا ترى الوجود كله إلا مادة فقط، وتعلل حوادث الكون تعليلاً مادياً، وترفض أي مؤثر غيبي، أو خارج عن حدود المؤثرات المادية. وهذا الرفض قد جعل الماركسيين يلتزمون تلقائياً عدم حاجة الكون لعلم سابقٍ وحكمة واختيار وقدرة، رغم كل ظواهر الإبداع والإتقان والعناية، ورغم كل روائع الحكمة البادية فيه لكل متدبر مفكر، ورغم نظام الوحدة المسيطر عليه، والدالة على وحده المنظَّم، ورغم تصاريفه الهادفة إلى غاية مثالية عظيمة، والتي لا يلاحظ فيها أية عشوائية، أو أي تخبط على غير هدى، بخلاف حال المصادفات.
وأطلق عليها وصف "الجدلية=الديالكتيك" لأن أسلوبها في النظر إلى الحوادث الكونية والتاريخ الإنساني مأخوذ من النظام الذي ظن الفيلسوف الألماني "هيجل" أنه قد اكتشف به سراً من أسرار الحقيقة الكبرى، وأطلق عليه "ديالكتيك"، حدساً منه بأن حوادث الطبيعة تسير وفق صراع يكون بين المتناقضات أو المتضادات، فينتج عن صراعها ثالث أصلح منها وأرقى، كما ينتج بين فكرتين ذهنيتين متضادين أو متناقضين فكرة ثالثة هي أوفى منهما وأكمل وأصلح.
المادية الجدلية في الكون
فالمادية الجدلية الماركسية في الكون تقرر: أن مادة الكون الأولى قد تطورت تطوراً ذاتياً، ضمن نظام "جدلية هيجل" حتى تكامل للكون نظامه